|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صرخات تحت التراب ……
فتحت عيني فابتلعني ظلام دامس ، استبد بي شعور قاهر ، وخيل لي أني فقدت بصري .
رفعت يدي ، لكنها عادت واستقرت مكانها بخضوع . شعرت بضيق واختناق ، تململت وتحسست ما حولي . أصفاد وقيود تأسرني فيما يشبه الموت . المكان الذي يحتويني ضيق جدا .. وأنا مكبل فيه كالأموات . لماذا لا أكون ميتا ؟ همست لنفسي ، كنت شديد الإعياء حين آويت إلى فراشي ، الناس يتحلقون بي ، والأضواء ترتعش فوق رأسي .. وهاأنذا مدفون تحت التراب . قطرات حارة من سائل ما تنساب على وجهي ، أنياب حادة تلسع أصابع قدمي ... أجسام صغيرة تحبو تحت قطعة القماش التي تلفني بإحكام . لم لا أكون ميتا ؟ همست لنفسي مرة أخرى . مددت يدي أمام وجهي ، فارتطمت بمادة هشة ، وعادت إلي بخضوع . القطرات الغريبة تحفر وجهي ، والجسيمات الجائعة تنهش أطراف جسمي .. حثالة وتراب ومواد لا أعرفها تتقاطر في عيني . الأصفاد والقيود تقبض أنفاسي يا إلهي ! من جرأ أن يدفنني في هذا القبر الأحمق ؟ ألا يمكن أن تكون لعبة سخيفة ، أم أنه الموت البغيض ؟ الهوام والديدان تزحف على صدري ، رائحة خانقة تعبق في أنفي .. خناجر الألم تحفر أعماقي . لماذا لا أحفر هذا الغطاء المتكابر فوق رأسي ؟ تحركت أصابعي خلال الفسحة التي تفصل بيني وبين الغطاء .. خدشت الطين الرطب الحار ، فسرت في أوصالي رعشة محمومة ، وسمعت صوتا ناعما يرن في أذني : لا تعبث بالطين . أدرت ناظري بيأس مقهور ، وقلت بنبرة مضطربة : أنت ؟ قال الصوت الناعم : أجل .. . ــ : هل أنا .. ؟ ــ : أنت على الخيط الفاصل بين الموت والحياة ساد صمت قصير ثم تابعت تقول : هيا : مارس حريتك .. . ــ : حريتي ؟ أصفاد وقيود ؟؟ ــ : هكذا أردت .. حين منحتك الحرية .. رفضتها. . ــ : تقصدين حرية الخضوع ؟.. الهتاف ؟ وقرع الطبول ؟ . ــ : وماذا تريد ؟ حرية العبيد ؟ هي لا تُعطى . هيا : مارس موتك بهدوء. ــ : سأخرج من قبري .. وأضرم النيران . قهقهت ساخرة ثم قالت بنبرة لا تخلو من الرثاء : تأبى إلا أن تكون شيطانا . قلت : وأنت ... ما زلت فاتنة آثمة أتذكرين ؟ الحرية للشيطان .. . قالت : والطاعة .... صفة الملائكة ..... ( قلت ضاحكا ) كظمت غيظي ، أحدقت فيها ، لكن نظراتي انحسرت ، وقد اضطرمت بي رغبة مجنونة ، وأنا أتابع تلك القناة الضيقة التي حفرت على صدرها . وقد خيل لي أن حريتي تتوقف حين تنحسر تلك القناة , فتنبلج على ضفتيها آثام الحياة بأبهى مفاتنها . عاهرة ……. صرخت دون ما وعي.. أنت لا تبحثين عن ملائكة ، بل عن كلاب كلاب تحسن الطاعة ، وتجيد الفتك والنباح . . رمقتني بنظرة عابثة : أنت شيطان .. شيطان بائس ، تحلم أن تكون نبيا ، لكنك في أرقى الحالات لا تعدو أن تكون نصف ملحد . . ــ : تبا لك .. الأنبياء أكثر الناس شقاء ، وأنا تعبت .. . ــ : زنديق مكابر .. وشقي آثم . وصنم مهزوم , حملت الجياع على أكتافك .. فخذلوك ... ــ : بل أنت .... والكلاب .. ــــــ : ياااه .. كم تحسن الظن .. لم يدفنك هنا غير الجياااع . ــ : ماذا حلّ بهم ؟ ــ : ما زالوا يبحثون عن الخبز ... ـــــ : والحرية ؟ ــــــ : ههههههه , كذبة ما عادت تستثير أحدا .. أنت أحمق . منذ رحلت وهم يتنكرون لسخافاتك . ويغتسلون من آثامك .. ويعلنون الوفاء .... للكلاب . ظلام دامس يغلف بصري . وحشرجة الموت تفتك بي ، ويدي تنسدل بجواري ساكنة مهزومة.. رمال قذرة تعبث بعيوني .. أبحث عمن يواسيني على . عتبات الموت أين أنت يا جلادي ؟ هربت مني الأشياء فلم يبق لي سوى أصفادي وذاكرتي ... لماذا اختاروا الخبز ؟ وأعلنوا الوفاء ؟ لماذا .. دفنوني ؟ خلعوا ثيابهم وارتدوا جلود الكلاب ... . . انفضوا من حولي ، فبرزت لي من ضباب هزيمتي . . عيناها تفترسني ، ومضات حب آثم تجوس أعماقي . قالت : اتبعني قلت : أين ؟ . قالت : لا أطلب منك سوى أن تكون كلبا . ــ : أنا صرصار. ــ : أيها الأحمق ، لن تكون كلبا عاديا ، بل سيدهم . ــ : ههههههه .. وأنت ملكة ..!!!!. صرخت بالكلاب : خذوه .. قذفوا بي على عتبة بيتي .. أنفاس واهنة بين الموت والحياة.. انقطعت خيوط الذاكرة ، فعاد إليّ قبري ، أشعر بضيق واختناق ... وسكرات تلامس الموت . حركت يدي وطفقت أحفر الغطاء الطيني . قطرات السائل الحار تنهمر على وجهي ، الحشرات والديدان تنهش شرائح لحمي ، الركام والتراب يتهاوى . . شعرت بلزوجة تسري في عظامي ، ورائحة نتنة تفغم أنفي . أظافري الممزقة تعبث بالغطاء . والطين ينشق بصعوبة . صممت أن أمضي في المقارعة حتى الرمق الأخير . من يدري ؟ فربما أزحت هذا الغطاء قبل أن تنفذ روحي . نبضات الحياة تخبو ، والضيق يفتك بي ، لكني مضيت أحفر على غير هدى . كميات هائلة من التراب تنهال على رأسي . الحفرة تضيق من حولي لكنها تمتد إلى الأعلى . تململت ورفعت رأسي بحذر ، فشعرت براحة غامرة ، رغم أن نصفي الأسفل ما زال مدفونا في الطين . الغطاء يتمزق ، ورأسي تترنح في ظلمة تكاد أن تخلو من الهواء ، لكن الخدر ينداح عني قليلا شعرت بتيار بارد يلفح وجهي . مددت يدي بحرية ، وحركت رأسي خلال الفجوة الضيقة ، ثم سحبت نصفي الأسفل من الركام والأنقاض . . تنفست الصعداء ، وحركت جفني . لكني لم أشاهد شيئا . رفعت رأسي إلى الأعلى ، فلمحت شعاع النجوم يخفق في كبد السماء ، أدركت أني تأخرت وأن الليل قد هبط مرة أخرى |
24/4/2009, 04:22 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب
|
رد: صرخات تحت التراب ……
|
||||
18/5/2009, 09:57 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
مـهـند س مـاسـي
|
رد: صرخات تحت التراب ……
احسنت الاداء
|
|||
20/5/2009, 07:50 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: صرخات تحت التراب ……
|
||||
22/5/2009, 01:57 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
مـهـندس مـمـيـز
|
رد: صرخات تحت التراب ……
|
||||
26/5/2009, 07:00 AM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: صرخات تحت التراب ……
|
||||
31/5/2009, 12:31 AM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
نائــب المشرف الـعــــــام
|
رد: صرخات تحت التراب ……
مشكور يا غالي يعطيك العافية
|
||||
31/5/2009, 07:42 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: صرخات تحت التراب ……
|
||||
13/6/2009, 10:06 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
مـهـند س مـحـتـرف
|
رد: صرخات تحت التراب ……
الف الف الف شكر
|
||||
15/6/2009, 12:08 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: صرخات تحت التراب ……
|
||||
24/6/2009, 04:20 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | |||
مـهـند س مـاسـي
|
رد: صرخات تحت التراب ……
مشكور أخي الكريم وبارك الله فيك
|
|||
5/7/2009, 06:03 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: صرخات تحت التراب ……
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~