ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > منتدى جميع ## SD ## الرسيفرات ** Sat Receivers SD ** > اوريون - باور سكاي > الارشيف

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31/12/2006, 12:00 AM   رقم المشاركة : ( 31 )
احمد احمد
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية احمد احمد

الملف الشخصي
رقم العضوية : 38187
تاريخ التسجيل : Nov 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 5,467 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 30
قوة الترشيـح : احمد احمد يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

احمد احمد غير متصل

Thumbs up رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_a07_rc2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

مفيش بصراحة حاجة احسن من كدة استاذى بها ء
 
قديم 4/1/2007, 04:16 PM   رقم المشاركة : ( 32 )
zoorosat
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية zoorosat

الملف الشخصي
رقم العضوية : 7265
تاريخ التسجيل : Feb 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 7,933 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 22
قوة الترشيـح : zoorosat يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

zoorosat غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ررررررررر
 
قديم 5/1/2007, 01:23 AM   رقم المشاركة : ( 33 )
اشرف حبيشى
مـهـندس نـشـيط


الملف الشخصي
رقم العضوية : 207
تاريخ التسجيل : Jun 2005
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 317 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 71
قوة الترشيـح : اشرف حبيشى يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

اشرف حبيشى غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

الف الف الف الف شكر
 
قديم 12/1/2007, 01:25 AM   رقم المشاركة : ( 34 )
محى محمود
بـاشـمهندس


الملف الشخصي
رقم العضوية : 25122
تاريخ التسجيل : Aug 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 42 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : محى محمود يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

محى محمود غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

الغ الف الف شكر المعلم معلم
 
قديم 12/1/2007, 04:21 AM   رقم المشاركة : ( 35 )
miro74eng
مـهـند س فـعال

الصورة الرمزية miro74eng

الملف الشخصي
رقم العضوية : 13925
تاريخ التسجيل : Jun 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 133 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : miro74eng يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

miro74eng غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

tres merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii
 
قديم 16/1/2007, 09:01 PM   رقم المشاركة : ( 36 )
wesammohamed
مـهـند س جـديـد


الملف الشخصي
رقم العضوية : 15120
تاريخ التسجيل : Jun 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 20 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : wesammohamed يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

wesammohamed غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

الف شكر يا ريس وجارى التحميل
 
قديم 16/1/2007, 09:44 PM   رقم المشاركة : ( 37 )
Ayad1970
مـهـند س مـجـتهد


الملف الشخصي
رقم العضوية : 38743
تاريخ التسجيل : Nov 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 114 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : Ayad1970 يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ayad1970 غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

thank you verymach
 
قديم 16/1/2007, 10:37 PM   رقم المشاركة : ( 38 )
isho
مـهـند س جـديـد


الملف الشخصي
رقم العضوية : 46841
تاريخ التسجيل : Jan 2007
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 1 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : isho يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

isho غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

. hi bahaa alshareef, i just jion the *** and i need your help please, i have electron receiver model No ps1900cr, same design as power sky and iron, can you help me withe the new softwear if you have it many thanks isho
 
قديم 17/1/2007, 08:18 PM   رقم المشاركة : ( 39 )
good_sat1
مـهـند س مـجـتهد


الملف الشخصي
رقم العضوية : 44686
تاريخ التسجيل : Dec 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 96 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 25
قوة الترشيـح : good_sat1 يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

good_sat1 غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

مشكووووووووووووووووووور
 
قديم 18/1/2007, 01:07 AM   رقم المشاركة : ( 40 )
elnady
بـاشـمهندس


الملف الشخصي
رقم العضوية : 13822
تاريخ التسجيل : Jun 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 61 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : elnady يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

elnady غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

الفصل الأول
العقيدة والإيمان


الفهرس


أمور مهمة يجب مراعاتها


اعتراضات مردودة لبعض المعارضين


ردة السلطان

الردة المغلّفة

أساس قيام المجتمع المسلم

معنى قيام المجتمع على عقيدة الإسلام


المجتمع المسلم ومواجهة الردة


سر التشديد في عقوبة الردة






إن أول أساس يقوم علبه المجتمع السلم ويقوم به هو العقيدة : مقيدة الإسلام.فمهمة المجتمع الأولى هي حماية هذه العقيدة ورمايتها وتثبيتها , ومد نورهافي الآفاق.وعقيدة الإسلام تتمثل في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون, كل آمن باللهوملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله, وقالوا سمعناوأطعنا, غفرانك ربنا وإليك المصير)فهي عقيدة تبنى ولا تهدم, تجمع ولا تغرق, لأنها تقوم على تراث الرسالاتالإلهية كلها, وعلى الإيمان برسل اله جميعا: ( لا نفرق بين أحد من رسله) .
ولهذه العقيدة عنوان يلخصها أو شعار يعبر عنها هو: ( شهادة أن لا إله إلااله وأن محمدا رسول اله ), هذه العقيدة هي التي تمثل وجهة نظر السلمينإلى الكون ورب الكون, وإلى الطبيعة وما وراء الطبيعة, والى الحياة وما بعدالحياة, وإلى العالم المنظور والعالم غير المنظور, وبعبارة أخرى: إلى الخلقوالخالق, إلى الدنيا والآخرة, إلى عالم الشهادة وعالم الغيب.فهذا الكون بأرضه وسمائه, بجماده ونباته, وحيوانه وإنسانه, وجنهوملائكته .... هذا الكون لم يخلق من غير شئ, ولم يخلق نفسه, فلا بد لهمن خالق عليم قدير عزيز حكيم, خلقه فسواه, وقد قدر كل شئ فيه تقديراً,فكل ذرة فيه بميزان, وكل حركة فيه بمقدار وحسبان. وذلك الخالق هو الله,الذي تدل كل كلمه بل كل حرف في كتاب الوجود على مشيئته وقدرته, وعلمهوحكمه: ( تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن, وإن من شئ إلا يسبح بحمده)هذا الخالي الأعلى هو رب السموات والأرض, رب العالمين, رب كل شيء,واحد أحد لا شريك له في ذاته ولا في صفاته, ولا في أفعاله, فهو وحدهالقديم الأزلي وهو وحده الباقي الأبدي, وهو وحده الخالق البارئ المصور,له الأسماء الحسنى, والصفات العلا, لا ند له ولا ضد له , ولا ولد له , ولاوالد, ولا شبيه ولا نظير (قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد)هو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو بكل شئ عليم) (ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير)كل ما في هذا الكون العظم , علويه وسفليه , صامته وناطقه , مدل على أنعقلا واحدا , هو الذي يدبر أمره , ويداً واحدة هي التي تدير رحاه , وتوجه دفتهوإلا لاختل نظامه , وافلت زمامه , واضطرب ميزانه , وتهدم بنيانه , تبعاً لماتقضي به الضرورة من اختلاف العقول المتباينة التي توجه , واختلاف الأيديالمتعددة التي تحرك . . وصدق اله العظم إذ يقول ( لو كان فيهما آلهةإلا الله لفسدتا ,فسبحان الله رب العرش عما يصفون) وقالجل شأنه : ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله , إذ لذهب كلإله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض , سبحان الله عما يصفون )ويقول : ( قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرشسبيلاً ، سبحانه وتعالى عما يقولون علاً كبيرا ) .

فالحقيقة التي لا مراء فيها: أن كل من فى السموات ومن في الأرض عبيدله, وكل ما في السموات والأرض ملك له, فليس أحد ولا شئ من العقلاءأو من غير العقلاء شريكا له, أو ولدا له, كما يقول الوثنيين وأشباه الوثنيين، (وقالوا اتخذ الله ولداً، سبحانه، بل له ما في السموات وما في الأرض، كل له قانتون، بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون)ومن ضل عن هذه الحقيقه في الدنيا فسيكشف عنه الغطاء في الآخرة , ويرىالحقيقة عارية واضحة وضوح الشمس في الضحى: ( إن لكل من فيالسموات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا أتى أحصاهم وعدهم عداً ،وكلهم آتية يوم القيامة فرداً )فلا عجب بعد ذلك أن يكون هذا الخالق العظيم, وهذا الرب الأعلى هو وحدهالذي يستحق العبادة والطاعة المطلقة, وبعبارة أخرى: ( يستحق غاية الخضوعوغاية الحب, فالمعنى المركب من الخضوع كل الخضوع , الممزوج بالحب كلالحب, هو الذي نسميه العبادة ).

وهذا هو معنى( لا إله إلا الله ) أي لا يستحق العبادة غيره .. أو لا يستحقكل الخضوع وكل الحب إلا هو..فهو وحده الذي تخضع لأمره الرقاب, وتسجدلعظمته الجباه, وتسبح بحمده الألسنة , وتقاد لحكمه القلوب والعقول والأبدان.وهو وحده الذي تتجه إليه الأفئدة بالحب كل الحب , فهو المتفرد بالكمال كله,والكمال من شأنه أن يحب ويحب صاحبه, وهو مصدر الجمال كله, وما فيالوجود من جمال فهو مستمد منه, والجمال من شأنه أن يحب ويحب صاحبه ,وهو واهب النقم كلها, ومصدر الإحسان كله ( وما بكم من نعمة فمن الله )والإحسان دائما يحب والنعمة دائماً تحب ويحب صاحبها.معنى « لا إله إلا اله » هو رفض الخضوع والعبودية لسلطان غير سلطانه,وحكم غير حكمه وأمر غير أمره, ورفض الولاء إلا له, والحب إلا له وفيه .

وإذا أردنا أن نزيد هذا المعنى إيضاحا قلنا: إن عناصر التوحيد كما جاء بهاالقرآن الكريم, ثلاثة ذكرتها سورة الأنعام, وهى سورة عنيت بتثبيت أصول التوحيد :أولها: ألا تبغي غير الله رباً: (قل أغير الله أبغي رباً وهو رب كل شئ).

وثانيها: ألا تتخذ غير الله ولياً : (قل أغير الله اتخذ ولياً فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولايطعم).

وثالثها: ألا تبتغي غير الله حكماً: (أفغير الله ابتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً)

معنى العنصر الأول ( ألا تبتغى غير الله رباً ): إبطال الأرباب المزعومةالتي اتخذها الناس قديماً وحديثاً, في الشرق والغرب, سواء أكانت من الحجروالشجر أم من الفضة والتبر, أم من الشمس والقمر, أم من الجن والبشر,معنى العنصر الأول هو رفض لكل الأرباب إلا الله وإعلان الثورة علىالمتألهين في الأرض المستكبرين بغير الحق , الذين أرادوا أن يتخذوا عباد الله عبيداً لهم وخولاً.( لا إله إلا الله ) هو الإعلان العام لتحرير الإنسان من الخضوع والعبودية,إلا لخالقه وبارئه. فلا يجوز أن تعنو الوجوه, أو تطاطئ الرؤوس , أو تنخفضالجباه, أو تخشع القلوب, إلا لقيوم الأرض والسمواتولهذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يختم رسائله إلى الملوك والأمراء, والقياصرة من النصارىبهذه الآية الكريمة: ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بينناوبينكم ألا نعبد إلا اله ولا نشرك به ثسيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله, فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) .

وكانت كلمة ( ربنا الله) إعلاناً بالعصيان والتمرد على كل جبار في الأرض. ومن أجل هذا تعرض موسى للتهديد بالقتل، وقام رجل مؤمن من آل فرعون يدافع عنه ويقول أتقتلون رجلاً يقول ربي الله)ومن أجل ذلك تعرض رسولنا ( صلى الله عليه وسلم) وـأصحابه للاضطهاد والأذى والإخراج من الديار والأموال (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله).

ومعنى العنصر الثاني (ألا تتخذ غير الله ولياً): رفض الولاء لغير الله وحزبه، فليس من التوحيد أن يزعم زاعم أن ربه هو الله، وربما لأعداء الله. قال تعالى لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ) إن حقيقة التوحيد لمن آمن بأن ربه هو الله : أن يخلص ولاءه له ولمن أمر اللهتعالى بموالاته , كما قال سبحانه : « إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنواوالذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول اللهورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) .

ومن هنا أنكر القرآن على المشركين أنهم قسموا قلوبهم بينه تعالى وبينالأنداد التي اتخذوها من الأصنام والأوثان, فجعلوا لها من الحب والولاء مثلما جعلوا لله . ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين أمنوا أشد حباً لله). إن الله تعلى لا يقبل الشركة في قلوب عباده المؤمنين , فلا يجوز أن يكون بعض القلب لله وبعضه للطاغوتوأن يكون بعض ولائه للخالق , وبعضه للمخلوق. إن الولاء كله والقلب كلهيجب أن يكون له , صاحب الخلق كله, والأمر كله , وهذا هو الفرق بين المؤمنوالمشرك , المؤمن سلم لله , خالص العبودية له , والمشرك موزع بين الله وبينغير الله (ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلماًلرجل هل يستويان مثلا ,الحمد لله , بل أكثرهم لا يعلمون) .

ومعنى العنصر الثالث: ( ألا تبغى غير الله حكماً : رفض الخضوع لكل حكمغير حكم الله , وكل أمر غير أمر الله , وكل نظام غير نظام الله , وكل قانونغير شرع الله , وكل وضع أو عرف أو تقليد أو منهج أو فكرة أو قيمة لم يأذنبها الله . ومن قبل شيئاً من ذلك حاكماً كان أو محكوماً , بلا إذن من اللهوسلطان ، فقد أبطل عنصراً أساسيا من عناصر التوحيد, لأنه ابتغى غير اللهحكماً , والحكم والتشريع من حق الله وحده, لهذا قال سبحانه: ( إن الحكمإلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه, ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون).وهذا العنصر إنما هو في الواقع مقتضى إفراد الله تعالى بالربوبية والإلهية ,فإن من اتخذ أحدا من عباد الله شارعاً وحاكماً , يأمر بما شاء, وينهى مماشاء, ويحلل ما يريد ويحرم ما يريد , و أعطاه حق الطاعة في ذلك ولو أحلالحرام , كالزنا , والربا , والخمر , والميسر , وحرم الحلال : كالطلاق , وتعددالزوجات , وأسقط الواجبات : كالخلافة , والجهاد , والزكاة , والأمر بالمعروفوالنهى من المنكر , وإقامة حدود الله و غيرها , من اتخذ مثل هذا حكماً وشارعاًفقد جعله في الحقيقة ربا يطاع في كل أمر , وينقاد له في كل ما شرع. وهذاما جاء به القرآن وفسرته السنة النبوية .. فقد جاء في سورة التوبة عن أهلالكتاب قوله تعالى: ( اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله هوالمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحداً , لا إله إلا هوسبحانه عما يشركون ) .

فكيف اتخذوهم أرباباً وهم لم يسجدوا لهم ولم يعبدوهم عبادة الأوثان ؟
يجيب عن ذلك رسول الله وكان فيما رواه الإمام أحمد والترمذي وابن جرير منقصة إسلام عدى بن حاتم الطائي، وكان قد تنصر في الجاهلية وقدم إلى المدينة, وتحدث الناس بقدومه, فدخل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفى عنقه صليب من فضة، وهو يقرأ هذه الآية( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال عدى: فقلت: إنهم لم يعبدوهم فقال (صلى الله عليه وسلم): (بلى إنهم حرّموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم).

قال ابن كثير: وهكذا قال حذيفة بن اليمان، وابن عباس وغيرهما في تفسير: (اتخذوا أحبارهم أرباباً من دون الله ): أنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا، وقال السدى: استنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهمـ ولهذا قال تعالى( ومت أمروا إلا ليعبدوا إلها واحداً)، أي الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام، وما حلله فهو الحلال، وما شرعه اتبع، وما حكم به نفذ، لا إله إلا هو، سبحانه عما يشركون.
هذا هو مجمل معنى الكلمة الأولى من كلمتي الشهادة. كلمة(لا إله إلا الله) ومقتضاه: ألا تبغى غير الله ربا، ولا تتخذ غير الله ولياً. ولا تبتغي غير الله حكماً، كما نطق القرآن العظيم في صريح آياته المحكمات.

وأما معنى الكلمة الثانية من كلمتي الشهادة التي يدخل بها المرء باب الإسلام فهي: (محمد رسول الله) إن الإقرار لله تعالى بالوحدانية، وإفراده سبحانه بالإلهية، والربوبية، لا يغني ما لم ينضم إليها هذا الشطر الثاني: (محمد رسول الله). فإن الله جل شأنه قد اقتضت حكمته ألا يدع الناس هملاً، ولا يتركهم سدىً، فأرسل إليهم ما بين حين وآخر مبلغين عنه، يهدون خلقه إليه، ويدلونهم عليه ويرشدونهم إلى مراضيه، ويحذرونهم من مساخطه..(رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) كما أن مهمة هؤلاء الرسل وضع القواعد والقيم والموازين التي تضبط الحياة وتنظم المجتمع، وتهديه للتي هي أقوم، ويحتكم الناس إليها إذا اختلفوا، ويفيئون إليها إذا تنازعواـ فيجدون فيها الحق الذي لا باطل معه، والعدل الذي لا ظلم فيه، والخير الذي يطرد الشر، والفضيلة التي تقاوم الرذيلة، والفساد والانحراف..قال تعالى )لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)، فهذا ما أنزل الله على رسول الكتاب) وهو نصوص الوحي الإلهي المعصوم، و(الميزان) وهو القيم والمعايير الربانية الني جاءت بها النبوات من المثل العليا والفضائل الإنسانية التي تسير في ضوء (الكتاب)، ولولا هؤلاء الرسل لضل الناس السبيل في تصورهم لحقيقية الألوهية، وطريقهم إلى مرضاتها وواجبهم نحوها.. وابتدعوا طرائق قددا، وسبلا شتى، وما أنزل الله بها من سلطان. سبلاً تفرق ولا تجمع، وتهدم ولا تبني، وتضل ولا تهدي. وخاتم هؤلاء الرسل هو محمد (صلى الله عليه وسلم)، فهو المبلغ عن أمره وشرعه، وبه عرفنا ما يريد الله منا، وما يرضاه لنا، وما يأمرنا به، وما ينهانا عنه..وبه عرفنا ربنا..وعرفنا منشأنا ومصيرنا..وعرفنا طريقنا بين المنشأ والمصير..عرفنا ما أحله ربنا وما حرمه..وما فرضه وأوجبه..ولولاه (صلى الله عليه وسلم) لعشنا في ظلمات وعماية، لا نعرف لنا غاية، ولا نهتدي سبيلا: (وقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم).

به عرفنا أن وراء هذه الحياة حياة أخرى توفى فيها كل نفس ما كسبت، وتجزى بما عملت، فيجزى الذين أساءوا بما عملوا، والذين أحسنوا بالحسنى. به عرفنا أن وراءنا حسابا وميزاناً، وثواباً وعقابا، وجنة ونار: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره). به عرفنا مبادئ الحق، وقواعد العدل، ومعاني الخير، في شريعته لا تضل ولا تنسى، شرعها من يعلم السر وأخفى، من لا تخفى عليه خافية، من يعلم المفسد من المصلح..(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير). ومن ثم كانت كلمة: (محمد رسول الله ) تتمة لكلمة: (لا إله إلا الله)، فهذه معناها ألا يعبد إلا الله. والأخرى معناها: ألا يعبد الله إلا بما شرعه وأوحاه على لسان رسوله. ولا عجب ـن كانت طاعة رسول الله جزءاً من طاعة الله (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، وكان أتباعه من أمارات محبة الله: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور رحيم) وكان الرضا بحكمه وشرعه جزءا لا يتجزأ من الإيمان بالله تعالى, ولا يعد في زمرة المؤمنين من رفض أمرا وحكما حكم به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , مما أنزله عليه من كتابه أو مما أوحاه إليه بيانا لهذا الكتاب , فقد أرسله مبينا للناس ما نزل إليهم . وهذا أمر بين غاية البيان في القرآن الكريم , فليس بمؤمن أبدا من احتكم إلى غير رسول اله , أو رد حكمه , أو تردد فيه مجرد تردد .

يقول القرآن العزيز وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبيناً). ويقول سبحانه مندداً بقوم من مرضى القلوب من المنافقين : ( ويقولون آمنتا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك، وما أولئك بالمؤمنين، وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون، وإن يكن لهم الحق يأتون إليه مذعنين، أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله، بل أولئك هم الظالمون، إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون) ويقول مم شأن من تردد في قبول حكم رسول الله(صلى الله عليه وسلم) , ورضى الاحتكام إلى آخرين من البشر, قيل إنهم بعض اليهود (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشطيان أن يضلهم ضلالاً بعيداً، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً)..إلى أن قال مقسماً ومؤكداً: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) هذا هو شأن المؤمنين مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , وحكم رسول الله , وشرع رسول الله : إنهم لا يتردون لحظة في قبول الحكم أو رفضه , وبعبارة أخرى - ليس لهم الخيرة من أمرهم , ولا يتولون عن الانقياد والطاعة , كما يفعل المنافقون بل شعارهم ومبدؤهم دائما : « سمعنا وأطعنا » .

وهذا بخلاف المنافقين الذين يرضون الاحتكام إلى غير الله ورسوله - وكل ما سوى الله ورسوله . فهو طاغوت - ولهذا قال تعالى : (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ) . . فهما حكمان لا ثالث لهما : إما الله وإما الطاغوت .

لقد رسمت الآيات صورة المنافقين وموقفهم من شرع الله وحكم رسوله : (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) ونفت - بشدة - الإيمان عمن لم يحكم رسول الله في حياته , ويحكم بسنته بعد مماته . ولم يكتف بذلك فاشترط الرضا والسلم بهذا الحكم , فهذه هي طبيعة الإيمان وثمرته ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) فمن أعرض عن هذه النذر كلها , وأصم أذنه عن هذه الآيات,وتلقى شرائعه وقوانينه ونظمه وتقاليده , وقيمه وموازينه ومفاهيمه وتصوراته عن غير طريق رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ورضي بأن يحكم في هذه الأمور الخطيرة فلاسفة من الشرق أو الغرب، أو علماء أو حكماء، أو مشرعين -سمهم كما تشاء- فقد ضاد الله فيما شرع، وناصب الله ورسوله العداء، ومرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ولا غرو أن حكم كتاب الله بالكفر والظلم والفسوق على من لم يحكم بما أنزل الله، فقال في سياق واحد من سورة المائدة: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون). واستعمال هذه الألفاظ في القرآن الكريم يدل على أن معانيها متقاربة. قال تعالى: ( والكافرون هم الظالمون)، ( ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) ، ( وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون) فالذي لا يحكم بما أنزل الله كافر أو ظالم أو فاسق، أو جامع لهذه الصفات كلها. وخصوصا إذا اعتقد أن ما أنزل الله، يمثل الجمود والتخلف والرجعية، وما شرع الناس هو التطور والتقدم الذي يصلح به المجتمع وترتقى به الحياة! ومن التحريف الظالم لآيات الخالق , والسخرية الصارخة بعقول الخلق , أن يقول قائل : إن هذه الآيات نزلت في شأن أهل الكتاب من اليهود والنصارى , ونسى هذا القائل الجريء - أو تناسى - أن هذه الآيات الحكمة - وان نزلت في سياق خاص - قد جاءت بألفاظ عامة , تتناول بحكمها جميع الأفراد الذين يشملهم مدلولها وهم كل ( من لم يحكم بما أنزل اله ) , فالمدار على عموم اللفظ , لا على خصوص السبب كما قرر أئمة الإسلام . ومحال أن يدمغ الله بالظلم والكفر والفسوق أهل الكتاب الأول , لأنهم طرحوا ما أنزل اله وراءهم ظهريا , ولم يحكموا به , ثم يبيح ›للمسلمين وحدهم - وهم أهل الكتاب الآخر الخاتم - أن يتخذوا كتاب اله مهجورا , ويتخذوا غيره منهاجا ودستورا !! ما فائدة ذكر هذه الآيات في سياق الحديث عن أهل الكتاب , إن لم يكن المقصود منها تحذير السلمين أن يصنعوا مثل صنيعهم , ويحكموا بغير شريعة ربهم , فيدمغوا بمثل ما دمغوا به , وهل عليهم عذاب الله وغضبه : ( ومن يحلل عيه غضبى فقد هوى ) . لماذا أنزل الله للناس كتاب وبعث لهم رسول , إذا كان من حق الناس أن يهملوا الكتاب ويعصوا الرسول ؟) وقد قال تبارك وتعالى : إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله)، (وما أرسلنا ن\من رسول إلا ليطاع بإذن الله)،ومن ثم خاطب الله رسوله بعد أن ذكر الآيات السابقة: (وأنزلنا إليك المئاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه، فاحكم بينهم بما أنزل الله، ولا تبع أهواءهم عما جاءك من الحق)، ثم يقول في الآية التالية: (وأن احكم بينهم الله إليك، فإن تولوا فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم، وإن كثيراً من الناس لفاسقون، أفحكم الجاهلية يبغون الجاهلية يبغون، ومن أحسن منه الله حكماً لقوم يوقنون).

فهما حكمان لا ثالث لهما: إما الإسلام، وإما الجاهلية. وهما حكمان لا ثالث لهما: إما الله، وإما الطاغوت. فليختر امرؤ لنفسه..وليختر قوم لأنفسهم: إما الله والإسلام، وإما الطاغوت والجاهلية.. ولا وسط دون ذلك.
أما الذين آمنوا فليس لهم الخيرة من أمرهم: إنهم مع حكم الله ورسوله، إنهم مع الإسلام..إنهم حرب على الطاغوت والجاهلية. إن شعارهم إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم سمعنا وأطعنا). وأما الذين كفروا فهم دائماً في سبيل الطاغوت، وهم دائماً متردون في حفر الجاهلية (والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات، أولئك أصحاب النار، هم فيها خالدون).

وهنا ملاحظتان مهمتان :
الأولى : أن الحكم بما أنزل اله فريضة محكمة لا يخالف فيها مسلم , وهى مساوية لما شاع في ممرنا من تعبير ( الحاكمية لله ) عز وجل . وهى تعنى : الحاكمية التشريعية الآمرة الناهية , المحللة والمحرمة , المتفردة بالإلزام والتكليف للخلق كافة .
وقد توهم بعض الناس أن هذه الفكرة من مبتكرات المودودى في باكستان , أو سيد قطب في مصر . والواقع : أن هذه الفكرة مأخوذة من علم ( أصول الفقه ) الإسلامي , والأصوليون يذكرون ذلك في مبعث ( الحكم ) من مقدمات علم الأصول , وفى موضوع ( الحاكم ) من هو ؟ فكلهم متفقون على أن الحاكم هو الله . أي صاحب الحق المطبق في التشريع لخلقه . حتى المعتزلة لا يخالفون في ذلك , كما بينه شارح ( مسلم الثبوت ) من كتب الأصول المشهورة.
والدلائل على ثبوت هذا المبدأ من القرآن والسنة بينة واضحة . سقنا بعضها في بيان فرضية الحكم بما أنزل الله .

الثانية : أن الحاكمية أو الحكم بما أنزل اله تعالى , لا يلغى دور الإنسان , فالإنسان هو الذي يفهم النصوص الوجهة إليه , ويستنبط منها , ويملا الفراغ فيما لا نص فيه , مما سمياه ( منطقة العفو) وهى منطقة واسعة , تركها الشارع قصداً , رحمة بنا فير نسيان , فهنا يجول العقل المسلم ويصول , ويجتهد في ضوء النصوص والأصول .

إلى الفهرس



معنى قيام المجتمع على عقيدة الإسلام

هذه هي العقيدة التي يقوم عليها المجتمع المسلم:عقيدة ( لا إله إلا الله, محمد رسول اله) ومعنى قيام المجتمع المسلم على العقيدة الإسلامية : أنه يقوم على احترام هذه المياه وتقديسها , ويعمل على تثبيتها في العقول والقلوب , يربي ناشئة المسلمين عليها , ويرد عنها أباطيل المفترين , وشبهات المضللين, و يجلي فضائلها وآثارها في حياة الفرد والمجتمع , عن طريق الأجهزة التوجيهية التي تؤثر في سير المجتمع , من المساجد والمدارس والصحافة والإذاعة والتليفزيون والمسرح والسينما والأدب بكل فنونه , من شعر ونثر وقصص

وتمثيل . ليس معنى قيام المجتمع المسلم على العقيدة الإسلامية إكراه غير المسلمين على التخلي عن عقائدهم , كلا , فذلك لم يخطر ببال السلم من قبل , ولن يخطر من بعد , لأن القرآن حسم هذه القضية من قديم , حين أعلن بصريح العبارة أنه ( لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من ألغي).

وقد أثبت التاريخ أن المجتمع الإسلامي , في عصور ازدهاره , كان أكثر المجتمعات سماحة مع المخالفين له في العقيدة , بشهادة الأجانب أنفسهم .
معنى قيام المجتمع على العقيدة الإسلامية , أنه ليس مجتمعا سائبا , بل هو مجتمع ملتزم .. قد التزم عقيدة الإسلام , فليس مجتمعا ماديا , ولا مجتمعا علمانيا ( لا دينيا ) , ولا مجتمعا وثنيا , ولا مجتمعا يهوديا أو نصرانيا , ولا مجتمعاً ليبراليا رأسمالياً, ولا مجتمعاً اشتراكيا ماركسياً .
إنما هو مجتمعا يدين بعقيدة التوحيد, عقيدة الإسلام , وعقيدة الإسلام تعلو ولا تعلى .... عقيدة الإسلام لا تقبل أن تكون على هامش الحياة في المجتمع وأن تزاحمها عقيدة أخرى تبدل نظرة الناس إلى الله والإنسان , والكون والحياة .

فليس بمجتمع مسلم ذلك الذي يختفي في توجيه اسم (الله ) ليحل اسم ( الطبيعة) فالأنهار من هبة الطبيعة , والغابات منحة من الطبيعة، والطبيعة هي التي أنشأت هذا الشيء وطورت ذاك الشيء , وليس هو الله خالق كل شيء ورب كل شيء ومدبر كل أمر .

إن تصور المجتمع الغربي للإلهية وعلاقتها بالكون: أن الله خلق الكون وتركه، فليس له إشراف عليه، ولا إحاطة به، ولا تدبير له، ويشبه أن يكون هذا مستمداً من تصور الفلسفة اليونانية للإله، وخاصة فلسفة (أرسطو) الذي لا يعلم الإله -عنده- شيئاً إلا عن ذاته: أما الكون فلا يدبر فيه أمراً، ولا يعرف عنه خيراً ولا شراً، وأغرب منه فليفة (أفلوطين) الذي لا يعلم الإله عنده شيئاً حتى عن نفسه. أما تصور المجتمع المسلم للإله، فتعبر عنه هذه الآيات وأمثالها سبح لله ما في السموات والأرض، وهو العزيز الحكيم، له ملك السموات والأرض، يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير، هو الأول ولآخر والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم، هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو معكم أين ما كنتم، والله بما تعملون بصير، له ملك السموات والأرض، وإلى الله ترجع الأمور، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، وهو عليم بذات الصدور. وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي ينكمش فيه ( مفهوم الإيمان) بالله , والدار الآخرة , ليحل محله الإيمان بالوجودية أو القومية أو الوطنية , أو غير ذلك من الأوثان التي عبدها أناس هنا وهناك , من دون الله أو مع الله , وان لم يسموها آلهة .

وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي يتوارى فيه اسم ( محمد ) صلى الله عليه وسلم باعتباره الموجه المعصوم ، والأسوة المطاع ، لتبرز أسماء ( ماركس )و ( لينين) و ( ماو) وغيرهم من مفكري الشرق والغرب .
وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي يهجر فيه كتاب الله « القرآن » بوصفه مصدر الهداية , والتشريع ، والحكم ، لتظهر كتب أخرى, تضفي عليها القداسة , وتؤخذ منها مناهج الفكر والتشريع والسلوك ، أو يستمد منها القيم والموازين والمثل.

وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي يسب فيه الله - جل شأنه- وكتبه ورسله , والناس سكوت على هذا الكفر البواح , لا يستطيعون أن يؤدبوا مرتداً كافراً , أو يزجروا زنديقا فاجراً , حتى اجترأ ملحد أفاك أن ينشر في صحيفة علنية: أن الإنسان العربي الجديد هو الذي يعتقد أن اله والأديان دمى محنطة في متحف التاريخ.

وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي يسمح بعقيدة أخرى تناوئ العقيدة الإسلامية , أو تزاحمها كالعقيدة الشيوعية , أو الاشتراكية , أو القومية عند الغلاة . وإن من الخطأ أن يظن ظان أن الاشتراكية ونحوها ليست عقيدة تناوئ الإسلام وإنما هي مذهب اقتصادي أو اجتماعي , يتخذ أسلوبا معيناً في تنظيم شؤون الحياة وعلاقاتها , وليس له طابع ديني حتى يسمى ( عقيدة) . والواقع أن الاشتراكية العلمية - في نظر أصحابها - فلسفة حياة كاملة , وعقيدة شاملة , تتضمن وجهة نظر إلى العالم والى التاريخ , والى الحياة , والى الإنسان , وإلى الله , تخالف وجهة الإسلام , ولهذا أطلق عليها وعلى أمثالها بعض المؤلفين : ( أديان بغير وحي ). وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي يجعل العقيدة على هامش حياته , فلا تأخذ من مناهج التربية والتعليم , ولا من مناهج الثقافة والفكر , ولا من مناهجالإعلام والإرشاد , ولا من أجهزة التوجيه والتأثير , بصفة عامة , إلا حيزا ضئيلا , وموضعا محدوداً ، فليس هي الموجه الأول , ولا المحرك الأول , ولا المؤثر الأول في حياة الأفراد , والأسر والجماعات , وإنما هي شئ ثانوي يجئ في ذيل القافلة , وفى المكان الأخير إن بقى له مكان . لقد كانت عقيدة الإسلام في المجتمع الأول - الذي أنشأه رسول الله -صلى الله عليه وسلم , وورثه من بعده صحابته , ومن تبعهم بإحسان - هي الدافع الأول , والوجه الأول « والمؤثر الأول , في حياتهم , إن لم نقل الأوحد .

كانت العقيدة هي مصدر التصور والفكر , وكانت هي أساس الترابط والتجمع , وكانت هي أساس الحكم والتشريع , وكانت هي الدافع إلى الحركة والانطلاق .... وكانت هي ينبوع الفضائل والأخلاق ... كانت هي صانعة البطولات في ميادين الجهاد والاستشهاد , ومجالات البذل والإيثار .

هكذا كانت العقيدة وكان أثرها في المجتمع السلم الأول , وهكذا يجب أن تكون , وأن يكون تأثيرها في كل مجتمع يريد أو يراد له أن يكون مسلما اليوم أو غدا ...إن العقيدة الإسلامية - بكل أركانها وخصائصها - هي الأساس المكين , لأي بنيان اجتماعي متين . وأي بنيان على غير عقيدة فهو بنيان على الرمال , يوشك أن ينهار .

وأسوأ منه أن يراد بنا, مجتمع ينتمي إلى الإسلام على غير عقيدة الإسلام , وإن كتب عليه - زوراً - اسم الإسلام . إنه غش في المواد الأساسية للبناء , لا يلبث أن يسقط البناء كله على من فيه . ( أقمن أسس بنيانه على تتقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم , والله لا يهدى القوم الظالمين).
لقد رأينا المجتمع الشيوعي -أيام ازدهاره وسلطانه- يجسد العقيدة الماركسية وفلسفتها المادية. تمثل ذلك في دستوره الذي يعلن: أن لا إله والحياة مادة. وفي تشريعه وقوانينه، وفي تربيته، وتعليمه، وفي ثقافته وإعلامه، وفي سائر أنظمته ومؤسساته وسياساته. وهذا شأن كل مجتمع عقائدي. فلا غرو أن يكون المجتمع المسلم مرآة تعكس عقيدته وإيمانه، ونظرته إلى الكون والإنسان والحياة، وإلى رب الكون وبارئ الإنسان، وواهب الحياة.

إلى الفهرس



المجتمع المسلم ومواجهة الردة

أشد ما يواجه المسلم من الأخطار : ما يهدد وجوده المعنوي , أي ما يهدد عقيدته , ولهذا كانت الردة عن الدين - الكفر بعد الإسلام - أشد الأخطار على المجتمع المسلم . وكان أعظم ما يكيد له أعداؤه أن يفتنوا أبناءه عن دينهم بالقوة والسلاح أو بالمكر والحيلة . كما قال تعالى : ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا.

وفى عصرنا تمرض المجتمع المسلم لغزوات عنيفة , وهجمات شرسة , تهدف إلى اقتلاعه من جذوره , تمثلت في الغزو التنصيرى , الذي بدا مع الاستعمار الغربي , والذي لا يزال يمارس نشاطه في العالم الإسلامي , وفى الجاليات والأقليات الإسلامية , ومن أهدافه : تنصير المسلمين في العالم , كما وضح ذلك في مؤتمر « كورادو »› الذي عقد هناك سنة 1978 . وقدمت له أربعون دراسة حول الإسلام والمسلمين , وكيفية نشر النصرانية بينهم . ورصد لذلك ألف مليون دولار , وأسس لذلك معهد ( زويمر) لخريج المتخصصين في تنصير المسلمين .

كما تمثلت في الغزو الشيوعي الذي اجتاح بلاداً إسلامية كاملة في آسيا , وفى أوروبا , وعمل بكل جهد لإماتة الإسلام , وإخراجه من الحياة نهائياً , وتنشئة أجيال لا تعرف من الإسلام كثيراً ولا قليلاً. .
وثالثة الأثافي : الغزو العلمانى اللادينى , الذي لا يبرح يقوم بمهمته إلى اليوم في قلب ديار الإسلام , يستعلن حينا , ويستخفى أحيانا , يطارد الإسلام الحق , ويحتفى بالإسلام الخرافي , ولعل هذا الغزو هو أخبث تلك الأنواع وأشدها خطرا . وواجب المجتمع المسلم - لكي يحافظ على بقائه - أن يقاوم الردة من أي مصدر جاءت وبأي صورة ظهرت , ولا يدع لها الفرصة , حتى تمتد وتنتشر , كما تنتشر النار في الهشيم .

وهذا ما صنعه أبو بكر والصحابة - رضى الله عنهم - معه , حين قاتلوا أهل الردة , الذين اتبعوا الأنبياء الكذبة , مسيلمة وسجاح والأسدى والعنسى وكادوا يقضون على الإسلام في مهده .
ومن الخطر كل الخطر : أن يبتلى المجتمع المسلم بالمرتدين المارقين , وتشيع بين جنباته الردة , ولا يجد من يواجهها ويقاومها . وهو ما عبر عنه أحد العلماء عن الردة التي ذاعت في هذا العصر بقوله : ( ردة ولا أبا بكر لها ) ولا بد من مقاومة الردة الفردية وحصارها , حتى لا تتفاقم ويتطاير شررها وتغدو ردة جماعية , فمعظم النار من مستصغر الشرر .

ومن ثم أجمع فقهاء الإسلام على عقوبة المرتد - وإن اختلفوا في تحديدها- وجمهورهم على أنها القتل , وهو رأى الذاهب الأربعة , بل الثمانية .
وفيها وردت جملة أحاديث صحيحة عن عدد من الصحابة: عن ابن عباس وأبى موسى ومعاذ وعلي وعثمان وابن مسعود وعائشة وأنس وأبى هريرة ومعاوية بن حيدة. وقد جاءت بصيغ مختلفة , مثل حديث ابن عباس : ( من بدل دينه فاقتلوه ) ( رواه الجماعة إلا مسلماً , ومثله من أبى هريرة مند الطبرانى بإسناد حسن , وعن معاوية بن حيدة بإسناد رجاله ثقات) . وحديث ابن مسعود : ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله , وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس , والثيب الزانى , والتارك لدينه , المفارق للجماعة ) ( رواه الجماعة ) . وفى بعض صيغه عن عثمان : ( . . . . رجل كفر بعد إسلامه , أو زنى بعد إحصانه , أو قتل نفسا بغير نفس ) ( رواه الترمذى وحسنه والنسائى وابن ماجه , وقد صح هذا المعنى من رواية ابن عباس أيضا وأبى هريرة وأنس ) . قال العلامة ابن رجب : والقتل بكل واحدة من هذه الخصال متفق عليه بين المسلمين.

وقد نفذ علي كرم الله وجهه عقوبة الردة في قوم ادعوا ألوهيته , فحرقهم بالنار , بعد أن استتابهم وزجرهم , فلم يتوبوا ولم يزدجروا , طرحهم في النار وهو يقول:

لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري، ودعوت قنبرا
وقنبر هو خادمه وغلامه.

وقد اعترض عليه ابن عباس بالحديث الآخر: ( لا تعذبوا بعذاب الله) ورأى أن الواجب أن يقتلوا لا أن يحرقوا . فكان خلاف ابن عباس الوسيلة لا في المبدأ .
وكذلك نفذ أبو موسى ومعاذ القتل في يهودي في اليمن أسلم ثم ارتد . وقال معاذ : قضاء الله ورسوله ( متفق عليه ).
وروى عبد الرزاق : أن ابن مسعود أخذ قوماً ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق , فكتب فيهم إلى عمر . فكتب إليه : أن اعرض عليهم دين الحق , وشهادة أن لا إله إلا اله , فإن قبلوها فخل عنهم , وإذا لم يقبلوها فاقتلهم .. فقبلها بعضهم فتركه , ولم يقبلها بعضهم فقتله .

وروى عن أبى عمرو الشيبانى أن المستورد العجلي تنصر بعد إسلامه, فبعث به عتبة بن فرقد إلى علي, فاسستابه فلم يتب، فقتله.) .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية : أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل توبة جماعة من المرتدين , وأمر بقتل جماعة آخرين , ضموا إلى الردة أموراً أخرى تتضمن الأذى والضرر للإسلام والمسلمين . مثل أمره بقتل مقيس بن حبابة يوم الفتح , لما ضم إلى ردته قتل المسلم وأخذ المال , ولم يتب قبل القدرة عليه , وأمر بقتل العرنيين لما ضموا إلى ردتهم نحواً من ذلك . وكذلك أمر بقتل ابن خطل لما ضم إلى ردته السب وقتل المسلم . وأمر بقتل ابن أبى سرح , لما ضم إلى ردته الطعن عليه والافتراء . وفرق ابن تيمية بين النوعين : أن الردة المجردة تقبل معها التوبة , والردة التي فيها محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض بالفساد لا تقبل فيها التوبة قبل القدرة .
وقد قيل: لم ينقل أن رسول الله كان قتل مرتداً, وما نقله ابن تيمية ينقض هذه الدعوى . ولو صح ذلك فلأن هذه الجريمة لم تظهر في عهده . كما لم يعاقب أحداً عمل عمل قوم لوط . إذ لم تستعلن في عهده (صلى الله عليه وسلم ).
ومع أن الجمهور قالوا بقتل المرتد , فقد ورد عن عمر بن الخطاب ما يخالف ذلك . روى عبد الرزاق والبيهقى وابن حزم : أن أنساً عاد من ( تستر) فقدم على عمر , فسأله : ما فعل الستة الرهط من بكر بن وائل , الذين ارتدوا من الإسلام , ولحقوا بالمشركين، قال: يا أمير المؤمنين , قوم ارتدوا عن الإسلام , ولحقوا بالمشركين , قتلوا بالمعركة . فاسترجع عمر ( أي قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ) قال أنس: وهل كان سبيلهم إلا القتل ؟ قال : نعم , كنت أعرض عليهم الإسلام , فإن أبوا أودعتهم السجن) . وهذا هو قول إبراهيم النخعى, وكذلك قال الثوري : هذا الذي نأخذ به . وفى لفظ له : يؤجل ما رجيت توبته .
والذي أراه : أن العلماء , فرقوا في أمر البدعة بين المغلظة والمخففة , كما فرقوا في المبتدعين بين الداعية وغير الداعية. وكذلك يجب أن نفرق في أمر الردة بين الردة الغليظة والخفيفة , وفى أمر المرتدين بين الدامية وغير الداعية .

فما كان من الردة مغلظاً -كردة سلمان رشدي - وكان المرتد دامية إلى بدعته بلسانه أو بقلمه , فالأولى في التغليظ في العقوبة، والأخذ بقول جمهور الأمة , وظاهر الأحاديث , استئصالاً للشر, و سداً لباب الفتنة .
وإلا فيمكن الأخذ بقول النخعى الثوري وهو ما روى عن الفاروق عمر . إن المرتد الدامية إلى الردة ليس مجرد كافر بالإسلام , بل هو حرب عليه وعلى أمته , فهو مندرج ضمن الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا . والمحاربة - كما قال ابن تيمية - نوعان : محاربة باليد , ومحاربة باللسان , والمحاربة باللسان في باب الدين , قد تكون أنكى من المحاربة باليد , ولذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يقتل من كان يحاربه باللسان , مع استبقائه بعض من حاربه باليد . وكذلك الإفساد قد يكون باليد ، وقد يكون باللسان , وما يفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تفسده اليد .. فثبت أن محاربة الله ورسوله باللسان أشد , والسعي في الأرض بالفساد باللسان أؤكد. والقلم أحد اللسانين , كما قال الحكماء , بل ربما كان القلم أشد من اللسان وأنكى , ولا سيما في عصرنا ، لإمكان نشر ما يكتب على نطاق واسع .
هذا إلى أن المرتد محكوم عليه بالإعدام الأدبي من الجماعة المسلمة , فهو
محروم من ولائها وحبها ومعاونتها , فالله تعالى يقول : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )، وهذا أشد من القتل الحسي عند ذوى العقول والضمائر من الناس .

إلى الفهرس



سر التشديد في عقوبة الردة

وسر هذا التشديد في مواجهة الردة : أن المجتمع المسلم يقوم - أول ما يقوم - على العقيدة والإيمان , فالعقيدة أساس هويته , ومحور حياته , ومحور وجوده ولهذا لا يسمح لأحد أن ينال من هذا الأساس , أو يمس هذه الهوية . ومن هناكانت ( الردة المعلنة ) كبرى الجرائم في نظر الإسلام ! لأنها خطر على شخصية المجتمع وكيانه المعنوي , وخطر على الضرورية الأولى من الضروريات الخمس ( الدين والنفس والنسل والعقل والمال ) والدين أولها , لأن المؤمن يضحي بنفسه ووطنه وماله من أجل دينه . ولإسلام لا يكره أحداً على الدخول فيه، ولا الخروج من دينه إلى دين ما، لأن الإيمان المعتد هو ما كان عن اختيار واقتناع. وقد قال تعالى في القرآن المكي: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، وفي القرآن المدني: (لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي).
ولكنه لا يقبل أن يكون الدين ألعوبة، يدخل فيه اليوم ويخرج منه غداً، على طريقة اليهود الذين قالوا: ( آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون).
ولا يعقاب الإسلام بالقتل المرتد الذي لا يجاهر بردته، ولا يدعو إليها غيره، ويدع عقابه إلى الآخرة إذا مات على كفره، كما قال تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب لنار، هم فيها خالدون). وقد يعاقبه عقوبة تعزيرية مناسبة.
إنما يعاقب المرتد المجاهر، وبخاصة الداعية للردة، حماية لهوية المجتمع، وحفاظاً على أسسه ووحدته، ولا يوجد مجتمع في الدنيا إلا وعنده أساسيات لا يسمح بالنيل منها، مثل : الهوية والانتماء والولاء، فلا يقبل أي عمل لتغيير هوية المجتمع، أو تحويل ولائه لأعدائه، وما شابه ذلك. ومن أجل هذا : اعتبرت الخيانة للوطن، وموالاة أعدائه - بالإلقاء بالمودة إليهم، وإفشاء الأسرار لهم - جريمة كبرى. ولم يقل أحد بجواز إعطاء المواطن حق تغيير ولائه الوطني لمن يشاء، ومتى شاء.

والردة ليست مجرد موقف عقلي، ببل هي أيضاً تغير للولاء، وتبديل للهوية، وتحويل للانتماء. فالمرتد ينقل ولاءه وانتماءه من أمة لأخرى، ومن وطن إلى وطن آخر، أي من دار الإسلام إلى دار أخرى. فهو يخلع نفسه من أمة الإسلام، التي كان عضواً فيجسدها، وينضم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومها. ويعبر عن ذلك الحديث النبوي بقوله: ( التارك لدينه، المفارق للجماعة). كما في حيث ابن مسعود المتفق عليه. وكلمة (المفارق للجماعة) وصف كاشف لا منشئ، فكل مرتد عن دينه مفارق للجماعة.

ومهما يكن من جرمه، فنحن لا نشق عن قلبه، ولا نتسور عليه بيته، ولا نحاسبه إلا على ما يعلنه جهرة : بلسانه أو قلمه أو فعله، مما يكون كفراً بواحاً صريحاً لا مجال فيه لتأويل أو احتمال، فأي شك في ذلك يفسر لمصلحة المتهم بالردة. إن التهاون في عقوبة المرتد المعالن الداعية، يعرض المجتمع كله للخطر، ويفتح عليه باب فتنة لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه، فلا يلبث المرتد أن يغرر بغيره وخصوصاً من الضعفاء والبسطاء من الناس وتتكون جماعة مناوئة للأمة تستبيح لنفسها الاستعانة بأعداء الأمة عليها، وبذلك تقع صراع وتمزق فكري واجتماعي وسياسي، قد يتطور إلى صاع دموي بل حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس. وهذا ما حدث بالفعل في أفغانستان: مجموعة محدودة مرقوا من دينهم، واعتنقوا العقيدة الشيوعية بعد أن درسوا في روسيا، وجندوا في صفوف الحزب الشيوعي، وفي غفلة من الزمن وثبوا على الحكم، وطفقوا يغيرون هوية المجتمع كله، بما تحت أيديهم من سلطان وإمكانات. ولم يسلم أبناء الشعب الأفغاني لهم، بل قاوموا ثم قاوموا، و اتسعت المقاومة التي كونت الجهاد الأفغاني الباسل ضد المرتدين الشيوعيين الذين لم يبالوا أن يستنصروا على أهليهم وقومهم بالروس، يدكون وطنهم بالدبابات ويقذفونه بالطائرات، ويدمرونه وكان ضحايا الملايين من القتلى والمعوقين والمصابين واليتامى والأرامل والثكالى، والخراب الذي أصاب البلاد وأهلك الزرع والضرع.
كل هذا لم يكن إلا أثراً للغفلة عن المرتدين، والتهاون في أمرهم والسكوت على جريمتهم في أول الأمر. ولو عوقب هؤلاء المارقون الخونة، قبل أ، يستفحل أمرهم، لوقي الشعب والوطن شرور هذه الحرب الضروس وآثارها المدمرة على البلاد والعباد.

إلى الفهرس



أمور مهمة تجب مراعاتها

والذي أريد أن أذكره هنا جملة أمور:

الأول: أن الحكم بردة مسلم عن دينه أمر خطير جداً، يترتب عليه حرمانه من كل ولاء وارتباط بالأسرة والمجتمع، حتى إنه يفرق بينه وبين زوجة وأولاده، إذ لا يحل لمسلمة أن تكون في عصمة كافر، كما أن أولاده لم يعد مؤتمناً عليهم، فضلاً عن العقوبة المادية التي أجمع عليها الفقهاء في جملتها. لهذا وجب الاحتياط كل الاحتياط عند الحكم بتكفير مسلم ثبت إسلامه لأنه مسلم بيقين، فلا يزال اليقين بالشك.

ومن أشد الأمور خطراً: تكفير من ليس بكافر، وقد حذرت من ذلك السنة النبوية، أبلغ التحذير. وقد كتبت في ذلك رسالة (ظاهرة الغلو في التكفير) لمقاومة تلك الموجة العاتية. التي انتشرت في وقت ما: التوسع في التكفير، ولا يزال يوجد من يعتنقها.

الثاني: أن الذي يملك الفتوى بردة امرئ مسلم، هم الراسخون في العلم من أهل الاختصاص الذين يميزون بين القطعي والظني بين المحكم والمتشابه، بين ما يقبل التأويل وبين ما لا يقبل التأويل، فلا يكفرون إلا بما لا يجدون له مخرجاً مثل : إنكار المعلوم من الدين بالضرورة، أو وضعه موضع السخرية من عقيدة أو شريعة، ومثل سب الله تعالى ورسوله وكتابه علانية، ونحو ذلك. مثال ذلك: ما أفتى به العلماء من ردة سلمان رشدي، ومثله رشاد خليفة الذي بدأ بإنكار السنة ثم أنكر آيتين من القرآن في آخر سورة التوبة ثم ختم كفره بدعوى أنه رسول الله، قائلاً إن محمد (صلى الله عليه وسلم) خاتم النبيين ، وليس خاتم المرسلين!! وقد صدر بذلك قرار من مجلس المجتمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي.

ولا يجوز ترك مثل هذا الأمر إلى المتسرعين أو الغلاة، أو قليلي البضاعة من العالم، ليقولوا على الله ما لا يعلمون.

الثالث : أن الذي ينفذ هذا هو ولى الأمر الشرعي , بعد حكم القضاء الإسلامي المختص , الذي لا يحتكم إلا إلى شرع الله عز وجل , ولا يرجع إلا إلى المحكمات البينات من كتاب اله تعالى وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم) , وهما اللذان يرجع إليهما إذا اختلف الناس : ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) .
والأصل في القاضي في الإسلام أن يكون من أهل الاجتهاد , فإذا لم يتوافر فيه ذلك استعان بأهل الاجتهاد , حتى يبين له الحق . ولا يقضى على جهل , أو يقضى بالهوى , فيكون من قضاة النار .

الرابع : أن جهور الفقهاء قالوا بوجوب استتابة المرتد , قبل تنفيذ العقوبة فيه . بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب (الصارم المسلول على شاتم الرسول ) : هو إجماع الصحابة رضي الله عنهم , وبعض الفقهاء حددها بثلاثة أيام , وبعضهم بأقل , وبعضهم بأكثر , ومنهم من قال : يستتاب أبداً .
واستثنى بعضهم الزنديق , لأنه يظهر غير ما يبطن , فلا توبة له , وكذلك ساب الرسول ( صلى الله عليه وسلم) , لحرمة رسول الله وكرامته , فلا تقبل منه توبة , وألف ابن تيمية كتابه في ذلك .
والمقصود بذلك إعطاؤه الفرصة ليراجع نفسه , عسى أن تزول منه الشبهة , وتقوم عليه الحجة , إن كان يطلب الحقيقة بإخلاص , وان كان له هوى , أو يعمل لحساب آخرين , يوليه الله ما تولى .
ومن المعاصرين من قال : إن قبول التوبة إلى الله وليس إلى الإنسان , ولكن هذا في أحكام الآخرة . أما في أحكام الدنيا فنحن نقبل التوبة الظاهرة , ونقبل الإسلام الظاهر , ولا ننقب عن قلوب الخلق , فقد أمرنا أن نحكم بالظاهر , والله يتولى السرائر . وقد صح في الحديث أن من قالوا : ( لا إله إلا الله ) عصموا دماءهم وأموالهم , وحسابهم على الله تعالى . يعنى فيما انعقدت قلوبهم . ومن هنا نقول: إن إعطاء عامة الأفراد حق الحكم على شخص ما بالردة , ثم الحكم عليه باستحقاق العقوبة , وتحديدها بأنها القتل لا غير , وتنفيذ ذلك بلا هوادة - يحمل خطورة شديدة على دماء الناس وأموالهم وأعراضهم , لأن مقتضى هذا : أن يجمع الشخص العادي - الذي ليس له علم أهل الفتوى , ولا حكمة أهل القضاء , ولا مسؤولية أهل التنفيذ - سلطات ثلاثاً في يده : يفتى - وبعبارة أخرى : يتهم - ويحكم وينفذ , فهو الإفتاء والادعاء والقضاء والشرطة جميعا !!

إلى الفهرس



اعتراضات مردودة لبعض المعارضين

ولقد اعترض بعض الكاتبين في عصرنا - من غير أهل العلم الشرعي - على عقوبة الردة بأنها لم ترد في القرآن الكريم، ولم ترد إلا في حديث من أحاديث الآحاد، وحديث الآحاد لا يؤخذ به في الحدود، فهم لذلك ينكرونها.

وهذا الكلام مردود من عدة أوجه :

أولاً: أن السنة الصحيحة مصدر للأحكام العملية باتفاق جميع المسلمين، وقد قال تعالى قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) وقد صحت الأحاديث بقتل المرتد , ونفذه الصحابة في عهد الراشدين .
والقول بأن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في الحدود غير مسلم ، فجميع المذاهب المتبوعة أخذت بأحاديث الآحاد , في عقوبة شارب الخمر , مع أن في عقوبة الردة أصح وأوفر أغزر مما ورد في عقوبة شارب الخمر .
ولو صح ما زعمه هؤلاء : أن أحاديث الآحاد لا يعمل بها في الأحكام , لكان معناه : إلغاء السنة من مصدرية التشريع الإسلامي . أو على الأقل : إلغاء95 % - إن لم نقل 99% - منها . ولم يعد هناك معنى لقولنا : اتباع الكتاب و السنة .
فمن المعروف لدى أهل العلم: أن أحاديث الآحاد هي الجمهرة العظمى من أحاديث الأحكام. والحديث المتواتر - الذي يقابل الآحاد- نادراً جداً، حتى زعم بعض أئمة الحديث أنه لا يكاد يوجد، كما ذكر ذلك الإمام ابن صلاح في مقدمته الشهيرة في علوم الحديث.
على أن كثيراً ممن يتناولون هذا الأمر لا يدركون معنى حديث الآحاد ويحسبون أنه الذي رواه واحد فقط، وهذا خطأ. فالمرتد بحديث الآحاد : ما لم يبلغ درجة التواتر، وقد يرويه اثنان أ, ثلاثة أو أربعة أو أكثر من الصحابة وأضعافهم من التابعين .
وحديث قتل المرتد قد رواه جم غفير من الصحابة، ذكرنا عدداً منهم فهو من الأحاديث المستفيضة المشهورة.

ثانياً: أن من مصادر التشريع المعتمدة : الإجماع , وكد أجمع فقهاء الأمة من كل المذاهب ( السنية وغير السنية ) , ومن خارج المذاهب , على عقوبه المرتد, وأوشكوا أن يتفقوا على أنها القتل , إلا ما روى عن عمر والنخعى والثورى , ولكن العقوبة - في الجملة - مجمع عليها .

ثالثاً : أن من علماء السلف من قال : إن آية المحاربة المذكورة في سورة المائدة تختص بالمرتدين , وهى قوله تعالى ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا ) الآية .
وممن قال بأن هذه الآية في المرتدين أبو قلابة وغيره . وقد نقلنا من كلام ابن تيمية : أن محاربة الله ورسوله باللسان أشد من المحاربة باليد , وكذلك الإفساد في الأرض . كما يزيد ذلك : أن الأحاديث التي قررت استباحة دم المسلم بإحدى ثلاث , ذكر بعضها ( ورجل خرج محارباً له ورسوله , فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) , كما في حديث عائشة بدلاً من عبارة ( ارتد بعد إسلام ) أو ( التارك لدينه ) ... إلخ . وهو ما يدل على أن الآية تشمل فيما تشمل المرتدين الداعين إلى ردتهم .

وفى القرآن ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ). وهذا يدل على أن الله هيأ للمرتدين من يقاومهم , من المؤمنين المجاهدين الذين وصفهم الله بما وصفهم به , مثل أبى بكر والمؤمنين معه , الذين أنقذوا الإسلام من فتنة الردة. وكذلك جاءت مجموعة من الآيات في شأن المنافقين , تبين أنهم حموا أنفسهم من القتل بسبب كفرهم عن ط يق الأيمان الكاذبة , والحلف الباطل لإرضاء المؤمنين , كما في قوله تعالى : ( اتخذوا أيمانهم جنة ) , ( يحلفون لكم لترضوا عنهم ) الآية، ( يحلفون بالله ما قالوا ولفد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ) الآية , فهم ينكرون أنهم كفروا , ويؤكدون ذلك بأيمانهم , ويحلفون أنهم لم يتكلموا بكلمة الكفر , فدل ذلك أن الكفر إذا ثبت عليهم بالبينة , فإن جنتهم تكون قد انخزمت , وأيمانهم الفاجرة لم تغن عنهم شيئا).

إلى الفهرس



ردة السلطان

وأخطر أنواع الردة : ردة السلطان , ردة الحكم , الذي يفترض فيه أن يحرس عقيدة الأمة , ويقاوم الردة , ويطارد المرتدين , ولا يبقى لهم من باقية في رحاب المجتمع المسلم , فإذا هو نفسه يقود الردة , سراً وجهراً , وينشر الفسوق سافراً ومقنعاً , ويحمى المرتدين , ويفتح لهم النوافذ والأبواب , ويمنحهم الأوسمة والألقاب , ويصبح الأمر كما قال المثل : لا( حاميها حراميها ) ، أو كما قال الشاعر العربي :

وراعى الشاة يحمى الذنب عنها فكيف إذا الرعاة لها ذئاب ؟!!

نرى هذا الصنف من الحكام , مواليا لأعداء الله , معادياً لأولياء الله . مستهينا بالعقيدة , مستخفا بالشريعة , غير موقر للأوامر والنواهي الإلهية والنبوية , مهينا لكل مقدسات الأمة ورموزها , من الصحابة الأبرار , والآل الأطهار , والخلفاء الأخيار , والأئمة الأعلام , وأبطال الإسلام , وهؤلاء يعتبرون التمسك بفرائض الإسلام جريمة وتطرفاً , مثل الصلاة في المساجد للرجال , والحجاب للنساء . ولا يكتفون بذلك , بل يعملون وفق فلسفة ( تجفيف المنابع ) التي جاهروا بها , في التعليم والإعلام والثقافة , حتى لا تنشأ عقلية مسلة , ولا نفسية مسلمة . ولا يقفون عند هذا الحد , بل يه يطاردون الدعاة الحقيقيين , ويغلقون الأبواب في وجه كل دعوة أو حركة صادقة , تريد أن ةتجدد الدين , وتنهض بالدنيا على أساسه. والغريب أن بعض هذه الفئات - مع هذه الردة الظاهرة - تحرص على أن يبقى لها عنوان الإسلام , لتستغله في هدم الإسلام , ولتعاملهم الأمة على أنهم مسلمون , وهم يقوضون بنيانها من الداخل . وبعضها تجتهد أن تتمسح بالدين , بتشجيع التدين الزائف , وتقريب الذين يحرقون لها البخور من رجاله , ممن سماهم الناس ( علماء السلطة , وعملاء الشرطة ) وهنا يتعقد الموقف , فمن الذي يقيم الحد على هؤلاء بل من الذي يفتى بكفرهم أولا , وهو كفر بواح كما سماه الحديث ، , ومن الذين يحكم بردتهم وأجهزة الإفتاء الرسمي والقضاء الرسمي في أيديهم ؟ ليس هناك إلا ( الرأي العام ) المسلم , والضمير الإسلامي العام , الذي يقود الأحرار من العلماء والدعاة وأهل الفكر , والذي لا يلبث . إذا سدت أمامه الأبواب , وقطعت دونه الأسباب - أن يتحول إلى بركان ينفجر في وجوه الطغاة المرتدين . فليس من السهل أن يفرط المجتمع المسلم في هويته , أو يتنازل عن عقيدته ورسالته , التي هي مبرر وجوده , وسر بقائه .

وقد جرب ذلك الاستعمار الغربي الفرنسي في الجزائر , والاستعمار الشرقي الروسي في الجمهوريات الإسلامية في آسيا , ورغم قسوة التجربة وطولها هنا وهناك , لم تستطع اجتثاث جذور الهوية الإسلامية , والشخصية الإسلامية , وذهب الاستعمار والطغيان , وبقى الإسلام , والشعب المسلم .
غير أن الحرب التي شنت على الإسلام ودعاته من بعض الحكام ( الوطنيين ) ‍ العلمانيين والمتغربين في بعض الأقطار - بعد استقلالها - كانت أحد عداوة , وأشد ضراوة , من حرب المستعمرين .

إلى الفهرس



الردة المغلفة

ولا يفوتنا هنا أن ننبه على نوع من الردة لا يتبجح تبجح المرتدين المعالنين , فهو أذكى من أن يعلن الكفر بواحاً صراحاً , بل يغلفه بأغلفة شتى , ويتسلل به إلى العقول تسلل الأسقام في الأجسام , لا تراه حين يغزو الجسم , ولكن بعد أن يبدو مرضه , ويظهر عرضه , فهو لا يقتل بالرصاص يدوى , بل بالسم البطيء , يضعه في العسل والحلوى . وهذا يدركه الراسخون في العلم , والبصراء في الدين , ولكنهم لا يملكون أن يصنعوا شيئا أمام مجرمين محترفين , لا يمكنون من أنفسهم , ولا يدعون للقانون فرصة ليمسك بخناقهم . فهؤلاء هم (المنافقون) الذين هم في الدرك الأسفل من النار .

إنها ( الردة الفكرية) التي تطالعنا كل يوم آثارها ! في صحف تنشر وكتب توزع , ومجلات تباع , وأحاديث تذاع , وبرامج تشاهد , وتقاليد تروج , وقوانين تحكم . وهذه الردة المغلفة - في رأيي - أخطر من الردة المكشوفة , لأنها تعمل باستمرار , وعلى نطاق واسع , ولا تقاوم كما تقاوم الردة الصريحة, التي تحدث الضجيج , وتلفت الأنظار , وتثبر الجماهير . إن النفاق أشد خطراً من الكفر الصريح . ونفاق عبد الله بن أبى ومن تبعه من منافقي المدينه , أخطر على الإسلام من كفر أبى جهل ومن تبعه من مشركي مكة. ولهذا ذم القرآن في أوائل سورة البقرة: (الذين كفروا ) أي المصرحين بالكفر في آيتين اثنتين فقط , وذكر المنافقين في ثلاث عشرة آيه . إنها الردة التي تصاحبنا وتماسينا , وراوحنا وتعادينا , ولا تجد من يقاومها. إنها - كما قال شيخ الإسلام الندوى - ردة ولا أبا بكر لها ‍‍‍ إن الفريضة المؤكد هنا , هي : محاربتهم بمثل أسلحتهم , الفكر بالفكر حتى تسقط أوراقهم , وتسقط أقنعهم , وزال شبهاتهم بحجج أهل الحق . صحيح أنهم ممكنون من أوسع المنابر الإعلامية : المروءة والمسموعة والمرئية , ولكن قوة الحق الذي معنا , ورصيد الإيمان في قلوب شعوبنا وتأييد الله تعلى لنا، كلها كفيلة أن تهدم باطلهم على رؤوسهم: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) ، (فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)…

وصدق الله العظيم.

إلى الفهرس
 
قديم 18/1/2007, 03:55 PM   رقم المشاركة : ( 41 )
حمادة_خليل
مـهـند س مـجـتهد

الصورة الرمزية حمادة_خليل

الملف الشخصي
رقم العضوية : 46972
تاريخ التسجيل : Jan 2007
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 96 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : حمادة_خليل يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

حمادة_خليل غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

شكرا علي الموضوع القيم برجاء ارسال
سوفت ولودر الاريون ar_300
ولكم جزيل الشكر
 
قديم 19/1/2007, 06:02 PM   رقم المشاركة : ( 42 )
BBBBBBBBBB
مـهـند س جـديـد


الملف الشخصي
رقم العضوية : 47114
تاريخ التسجيل : Jan 2007
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 1 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : BBBBBBBBBB يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

BBBBBBBBBB غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

Gggggggggggggggggggfffffffffffff
 
قديم 20/1/2007, 11:34 AM   رقم المشاركة : ( 43 )
ابورمزي
Banned


الملف الشخصي
رقم العضوية : 42197
تاريخ التسجيل : Dec 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 81 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ابورمزي يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ابورمزي غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_A07_RC2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

الشكر كل الشكر لكم اعزاءي
 
قديم 6/2/2007, 11:47 PM   رقم المشاركة : ( 44 )
جورج تادرس
كبار الشخصيات

الصورة الرمزية جورج تادرس

الملف الشخصي
رقم العضوية : 48949
تاريخ التسجيل : Feb 2007
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : كفر صقر - شرقية
المشاركات : 15,545 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 5493
قوة الترشيـح : جورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميزجورج تادرس يستاهل التقييم لأنه مميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

جورج تادرس غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_a07_rc2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

الف الف شكر
الف الف شكر
الف الف شكر
 
قديم 7/2/2007, 10:34 AM   رقم المشاركة : ( 45 )
zoorosat
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية zoorosat

الملف الشخصي
رقم العضوية : 7265
تاريخ التسجيل : Feb 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 7,933 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 22
قوة الترشيـح : zoorosat يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

zoorosat غير متصل

افتراضي رد: الاخوه المتحدون يقدمو الاريون اصدار6686_a07_rc2. كامل سرع فى فتح القنوات المشفره

مشكووووووووووووووووووور
 
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~