المهندسين العرب

المهندسين العرب (http://www.mohandsen.net/vb/index.php)
-   المنتدي الاسلامي (http://www.mohandsen.net/vb/forumdisplay.php?f=38)
-   -   التنافس في الخيرات بين الواقع والمأمول (http://www.mohandsen.net/vb/showthread.php?t=712822)

عبدالرازق ابو محمد 4/11/2015 09:46 AM

التنافس في الخيرات بين الواقع والمأمول
 


http://www.mohtarefon.com/download/pics/bsmalah/88.gif
التنافس في الخيرات بين الواقع والمأمول

إن الناظر في حياتنا المعاصرة يجد أن التنافس بين الأفراد متجها إلى الدنيا فقط – إلا من رحم الله – ؛ فلو أن فردا قابل صديقا له لم يره منذ عشر سنين أو أكثر ؛ فإنه يسأله: ماذا تعمل؟ وأي وظيفة تمارسها؟ والدرجة الوظيفية التي أنت عليها؟ وما جملة مرتبك؟ وأين تسكن؟ وبالإيجار أم التمليك؟ وكم معك من الأولاد؟ وفي أي السنوات الدراسية؟ وهل لديك ممتلكات أو عقارات ………إلخ؟ والله الذي لا إله غيره هذا حدث معي أكثر من مرة وكأن السائل فتح لك تحقيقا عاجلا !!!

لم يسأل : ماذا قدمت لدينك؟ ماذا قدمت لمجتمعك؟ كيف خدمت بلدك؟ كم كتابا قرأت؟ كم مرجعا ألَّفت؟ ماذا قدمت لآخرتك !!!

وانظر إلى واقع الناس في العبادات مثلاً ؛ وإلى حالهم في الدخول إلى المساجد والخروج منها في الصَّلوات، تري العجب العُجاب، تباطؤٌ في الحضور، وتمَلْملٌ في الجلوس، ثم ما يكاد الإمام يُسلِّم وينصرف إليهم بوجهه، إلاَّ وقد تسابقوا إلى الأبواب مُزْدَحِمين، كأنَّما كانوا في حبسٍ فأُطْلِق سراحهم!!

وفي مشهدٍ آخَر، انظر إلى الناس حين يُذْكَر لهم أنَّ جمعيةً أو فاعِلَ خيرٍ يوزِّع صدقةً أو يعطي قليلاً من زكاة، تراهم وقد بكَّروا وتزاحموا، وتضايقوا وتنافسوا، وعَلَتْ أصواتهم وفاحت روائحهم، وربما سابق غنيُّهم فقيرَهم :{يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ } (غافر: 39).

ثم انظر وادْعُهم إلى إنفاقٍ القليل في سبيل الله؛ لبِنَاء مسجدٍ، أو دار للقرآن، ترَاهُم يتسلَّلون لِوَاذًا ويتفرَّقون، وينصرفون وكأنَّهم لا يسمعون!! إننا لابد أن نغير ما بأنفسنا { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ( الرعد: 11)

أيها المسلمون: ومن أبواب السقوط في التنافس غير الشريف ما يكون بين الأنداد والمتشابهين من علماء الفن الواحد، أو المهنة الواحدة، أو المنزلة الاجتماعية، أو المرتبة الإدارية.. وهذا منتشر في معظم المؤسسات والهيئات والوزارات؛ فترى الحقد والغل والحسد بين الموظفين والعاملين؛ حيث يتتبع كل واحد سقطات الآخر، بدلا من أن يعمل الفكر والجهد لتقديم الأنفع والأصلح والأبدع لوطنه ومجتمعه!!

ويشخص ابن قدامة المقدسي هذا المرض فيقول: ” تعلم أن النفس قد جبلت على حب الرفعة، فهي لا تحب أن يعلوها جنسها، فإذا علا عليها شق عليها، وكرهته، وأحبت زوال ذلك ليقع التساوي، وهذا أمر مركوز في الطباع؛ أما إن أحب أن يسبق أقرانه، ويطلع على ما لم يدركوه، فإنه لا يأثم بذلك، لأنه لم يؤثر زوال ما عندهم عنهم، بل أحب الارتفاع عنهم، ليزيد حظه عند ربه.”

فالأمر خطير يحتاج إلى ضبط المشاعر، وتنقية القلب وإخلاص القصد لئلا يخرج هذا التنافس عن الحد المحمود إلى الحسد والتباغض؛ لذلك أجاز الإسلام الحسد في التنافس المحمود؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ؛ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ. وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ.”(متفق عليه واللفظ للبخاري) يقول ابن حجر: ” وأما الحسد المذكور في الحديث فهو الغبطة؛ وأطلق الحسد عليها مجازا، وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه، والحرص على هذا يسمى منافسة فإن كان في الطاعة فهو محمود…”.

ومن بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب التنافس الشريف، والبراءة من التحاسد: أن أول زمرة يدخلون الجنة ” قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ لَا تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَحَاسُدَ “.(البخاري ومسلم)

ولا يمكن أن يتماسك مجتمع الساعين لاستئناف المجتمع الإسلامي الكبير، ما لم يتطهر مجتمعهم الصغير الناشئ من الكيد والتحاسد، وما لم يستنزف جهودهم التنافس في الخيرات.

أخي المسلم: بادر بالخيرات؛ سابق إلى جنة عرضها الأرض والسماوات؛ سارع إلى بناء أسرتك ووطنك ومجتمعك بالأعمال الخيرية النافعة؛ فإذا سمِعتَ بمشروعٍ خيريٍ أو عمل فيه صدقة جارية, فحاول أن تساهمَ فيه ولو بالقليلِ، ولا تجعل الخيرَ يفوتك دون أن تشارك، فعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ:” إِذَا فُتِحَ لأَحَدِكُمْ بَابُ خَيْرٍ، فَلْيُسْرِعْ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لا يَدْرِي مَتَى يُغْلَقُ عَنْهُ ” (رواه أبونعيم في الحلية), وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ”.( ابن ماجة والألباني في السلسلة الصحيحة)

فسارع في الخيرات كما سارع أسلافك، وبادر إلى الطاعات كما بادروا، وقدم لنفسك كما قدموا؛ { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المزمل: 20].

أيها المسلمون: طرق الخير والنفع كثيرة متاحة للجميع، ولكن أين السالكون؟ وأين السائرون؟ أبواب البر متعددة، ولكن أين المسارعون إليها؟ وأين الطارقون لها؟ وليست الأعمال الصالحة هي: الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، فقط، وإنما هي كثيرة متعددة:

زيارة المريض عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
إحسانك إلى جارك عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
قراءتك القرآن الكريم عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
إعطاؤك الفقراء والمساكين عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
إغاثتك الملهوف عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
إنصافك المظلوم عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
تربيتك لأبنائك وبناتك على منهج الله عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
إعمار المساجد عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
طلب العلم عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
إنجازك لعملك إن كنت موظفا عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
فصلك في الشكاوى المقدمة إليك إن كنت مديرا في مؤسسة أو رئيسا في مصلحة عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.

قيامك بالواجب عليك في كل جانب من جوانب الحياة عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك. قال الشاعر :
سابِق إلى الخير وبادِر بِهِ * * * فإن مِن خَلفك ما تَعلم

وقَدِّم الخير فُكُلّ امرئ * * * على الذي قَدَّمه يُقْدِم

واعلم أن حب الخير والمسارعة إليه سبب لقبول الدعاء , قال تعالى: { وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ؛ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (الأنبياء: 89 ؛ 90).

لذا فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :” اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ .” (أخرجه أحمد والتِّرمِذي)

يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً * * * يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ

يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي * * * فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني

يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً * * * عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ


فبادر – أيها الحبيب – إلى الخيرات؛ وسارع إلى الصالحات , تنل البركات؛ وتستجاب منك الدعوات ؛وتفرج لك الكربات؛ وتنل المرضات من رب البريات .


ايمن مغازى 5/11/2015 05:59 PM

رد: التنافس في الخيرات بين الواقع والمأمول
 
جزاك الله خيرا أخى

ناصر ابو محمد 5/11/2015 09:04 PM

رد: التنافس في الخيرات بين الواقع والمأمول
 
تسلم اديك خى
واصل نشاطك المميز
تحياتى

malek_3006 11/11/2015 10:22 AM

رد: التنافس في الخيرات بين الواقع والمأمول
 
تسلم ... جزاكم الله خيرا

ايمن جوهر2011 13/11/2015 10:15 AM

رد: التنافس في الخيرات بين الواقع والمأمول
 
بارك الله فيك


الساعة الآن 01:33 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir