الآية 75 من سورة النحل
من الأساليب الفنية التي استعملها الخطاب القرآني لتوصيل خطابه وكشف معانيه، وإبراز مقاصده، أسلوب ضرب المثل، وهو أسلوب قرآني بارز وملحوظ في القرآن الكريم، ووقفتنا اليوم مع آية قرآنية سيقت مساق ضرب المثل لمن يعمل بطاعة الله، ويلتزم حدوده وشرعه، ومن يُعرض عن ذلك فلا يكترث بشرع، ولا يقيم وزنًا لدين. يقول جلا علاه في محكم تنزيله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}... (النحل:75) والآية - كما هو ظاهر - مثَّلت لحالين، وإن شئت قل: أبرزت موقفين متباينين متعارضين؛ الأول: حال العبد الذي لا يملك من أمره شيئًا، بل هو في موقف المنفعل، والمتأثر، والمتلقي لما يلقى عليه من أوامر ونواه. والثاني: حال الحر المالك لأمره، الفاعل وفق هدي ربه، والمؤثر فيمن حوله. قال أهل التفسير في معنى الآية: هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن، فالكافر رزقه الله مالاً فلم يقدم فيه خيرًا، ولم يعمل فيه بطاعة الله، بل أخذ ينفقه فيما لا يرضي الله سبحانه، ويستخدمه فيما لم يُشرع المال لأجله. والمؤمن الذي رزقه الله رزقًا حسنًا، فهو يعمل فيه بطاعة الله، ويؤدي به شكره، ويعرف حق الله فيه، فشتان بين الموقفين؛ موقف المعرض عما أمر الله به، والجاحد لما أنعم به عليه، وموقف المقبل على أمر ربه، والعارف لما أسبغ عليه من نعمه، فشتان ما هما {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً} ولكن أكثر الناس لا يعلمون، بل هم عن ذلك غافلون. ولا بأس أن تعلم، أن بعض المفسرين رأى أن المقصود في المثل المضروب في الآية، بيان الفرق بين خالق العباد ومدبر أمرهم، وبين الأصنام التي تعبد من دون الله، ولا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًا، فضلاً عن أن تملك ذلك لغيرها. وحاصل المعنى وفق هذا التفسير: أنه كما لا يستوي - عقلاً ولا عادة - عبد مملوك لا يقدر من أمره على شيء، ورجل حر قد رزقه الله رزقًا حسنًا فهو ينفق منه، كذلك لا يستوي الرب الخالق الرازق، والأصنام التي تعبد من الله، وهي لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع، ولا تخفض ولا ترفع. ثم إن لهذه الآية ارتباط وثيق بالآية التي تليها مباشرة، وهي قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}... (النحل:76) و(الكَلُّ) في الآية - بفتح الكاف - العالة على الناس، وفي الحديث: (من ترك كَلاً فإليَّ) رواه البخاري، أي من ترك عيالاً فأنا كفيلهم، وأصل (الكَلِّ) الثقل. و(الأبكم) هو الكافر، شُبِّه بذلك لعجزه عن إدراك الحق، والانقياد له، وتعذر الفائدة منه في سائر أحواله. و(العدل) الحق والصواب الموافق للواقع؛ والذي {يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} هو مثل للمؤمن الذي وُفِّق لإدراك الحق، وهُدي إليه، فعمل به، وجاهد لأجله، وعاش صابرًا ومصابرًا تحت لوائه. على أننا نفهم من هذا المثل الثاني، المضروب للتفريق بين الكافر والمؤمن، ما هو أعم من ذلك وأشمل، وهو أن يكون مثالاً لبيان الفارق بين المؤمن العامل والمؤمن الخامل، والمؤمن الفاعل والمؤمن المنفعل، والمؤمن الإيجابي والمؤمن السلبي، والمؤمن المتفائل والمؤمن المتشائم، والمؤمن المؤثر والمؤمن المتأثر... إلى غير ذلك من الصفات الفارقة والفاصلة بين الموقفين. موقف مقدام غير هيَّاب، كل همه العمل بما يرضي الله، والسير على نهج خالقه، لا ينفتل إلى غير ذلك؛ وموقف متردد خوار لا يدري ما هو فاعل، ولا إلى أين هو يتجه؛ وشتان بين أن يكون المؤمن كَلاًّ، وبين أن يكون عدلاً، فالأول قاعد ينتظر من السماء أن تمطر عليه ذهبًا أو فضة، والثاني ساع في الأرض في مناكبها، آخذ بأسباب الرزق والعمل، متوكل على الله في أمره كله. فالعمل العمل عباد الله، والجد الجد أخي المؤمن، فاعرف دورك في هذه الحياة، وحدد وجهتك التي هي مقصدك، وتوكل على الله فهو حسبك، واستعن بالله ولا تعجز، إنه نعم المولى ونعم النصير. المصدر: موقع إسلام ويب |
رد: الآية 75 من سورة النحل
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله خيرا
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله خيرا
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
اقتباس:
مشكور أخى / أنور على التثبيت جزاكم الله خيرا |
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله خيرا
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
بارك الله فيك أخي الغالي ايهاب وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك وجزاك الله به خير الجزاء.. |
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله عن الاسلام كل خير ومتعك الله بالصحة والعافيه
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله خيرا
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
بارك الله فيك
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
الف شكر موضوع مميز بارك الله فيك
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
بارك الله فيك
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله عن الاسلام كل خير ومتعك الله بالصحة والعافيه
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله كل خير وجعله فى ميزان حسناتك
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
بارك الله فيك أخي الغالي ايهاب
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
مشكورررررررررررررررررررررررررررررر
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله خيرا
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله خيرا
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
اولا اخى فى الله جزاك الله كل خير لكن القران الكريم كاملا ملىء بالمعجزات والايات فاهو التحدى الاقوى للانس والجن وجزاك الله كل خير مرة اخرى
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
مشكور اخى
وبارك الله فيك |
رد: الآية 75 من سورة النحل
وفقك الله وجزاك خير الجزاء
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله خيرا وبارك فيك
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله خيرا
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاكم الله خيرا على المبادرة
أثابكم الله الجنة آمين |
رد: الآية 75 من سورة النحل
سلمت يداك اخي الكريم
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
بارك الله فيك أخي الغالي
جعل الله هذا المجهود في ميزان حسناتكم |
رد: الآية 75 من سورة النحل
بارك الله فيك
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
مشكوووووووووور
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزيت خيرا على هذا يااخى الكريم وفعلا القران الكريم به اعجاز وبلاغة وفصاحة هل ننسى ان الله تحدى به العرب فى زمن هم كانوا على بلاغة وفصاحة عاليه ولكن طبعا عجزوا ان يأن حتى بعشر سور مثله
اللهم اجعل القران ربيع قلوبنا |
رد: الآية 75 من سورة النحل
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
مشكور اخى الغالى جزاك الله خيرا
قران الله فيه معجزات وضرب الامثلة وتكون فى الواقع |
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله كل خيرا
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جزاك الله كل خير
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
جـزيت خيـرا وبارك الله فيك أخـي الفاضل
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
موفق ان شاء الله
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
|
رد: الآية 75 من سورة النحل
|
الساعة الآن 11:50 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir