|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قصة مدين والتوبة إلى الله تعالى
من الأمم الماضية المعاقَبَة أهل مدين، فقد كان أهل مدين عربا يسكنون أرض معان من أرض الشام، وكانت هذه الأرض مؤمنة صالحة فتغير بها الحال ومرت بها السنون وطال بها الأمد، حتى ظهر الفساد في أهلها وانتشر الشرك في جبلها وسهلها، وأظلمت القلوب واسودت النفوس، وتدنس الناس بدنس المعاصي، وارتموا في أوحال الذنوب والشهوات. فلما جلّ الخطب وفدح الأمر وعظم الفعل أرسل الله إليهم شعيبا عليه الصلاة والسلام، وآزره بالمعجزات وأيده بالبينات. فدعاهم أول ما دعاهم إليه، إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ثم حذرهم من الذنوب التي تواطؤ عليها، ونهاهم عن المعاصي التي درجوا عليها، ألفتها نفوسهم وارتضتها قلوبهم حتى أصبحت جزءا من حياتهم، بل أصبح إنكارها هو المنكر، وهي ذنوب مؤذنة بفساد ومعلنة بدمار. ذكَّرهم بنعم الله عليهم، وحدثهم عن جود المولى وكرمه عليهم، واستمر في الدعوة إلى الله في يسر وترفق، ولين وتلطف، بالكلمة الصادقة والموعظة الحسنة -(قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)- [الأعراف/85-86]. عباد الله: وقد سلك شعيب عليه الصلاة والسلام عددا من الوسائل لدعوتهم والتأثير في نفوسهم وجذب قلوبهم للحق، كل ذلك بنفس مؤمنة وقلب مشفق وفؤاد صادق ونُصح مترفق، فقد ذكَّرهم أولا بالبينة الواضحة من ربه والمعجزة الصادقة على نبوته، ثم تلطف في ندائهم وبين لهم أنه واحد منهم وابن العشيرة المخلص لا يخون عشيرته . ثم ذكرهم بمصارع الأمم السابقة قبلهم وحذرهم أن يصيبهم ما أصابهم -(وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ)- [هود/89]. ثم أمرهم بالاستغفار ودعاهم إلى التوبة وبين لهم أن الله تعالى رحيم ودود وسعت رحمته كل شيء -(وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ)- [هود/90] . عباد الله: وقد تحمل شعيب جفوة قومه وصبر على أذاهم وغض الطرف عن سخريتهم واستهزاءهم وتلطف في جدالهم وحاول استمالتهم باللين -(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)- [هود/88] . فاستمر القوم في إصرارهم على الكفر وتماديهم في الضلال وسخريتهم بشعيب وأتباعه وتكذيبهم له وتهديدهم بالأذى والرجم والطرد من البلاد وتحديهم لله ولرسوله -(وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ*فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)- [الشعراء/186-187]. فلما أن ضاقت السبل وعظم إصرارهم وكبر جحودهم وتطاولوا على نبيهم وسخروا بأمر ربهم، حلت العقوبة وجاءت النقمة فابتلاهم بالحر الشديد، فكان لا يروي ظمأهم ماء، ولا تمنعهم ظلال، ولا تقيهم المنازل، ففروا هاربين من الحر وخرجوا مسرعين من الجحيم، ولم يعلموا أنهم إنما فروا إلى حتفهم وخرجوا إلى هلاكهم، فقد تجلت لهم سحابة في السماء فظنوها واقية من الشمس دافعة للحر، فاجتمعوا تحتها ليستظلوا بظلها، ويستروحوا فيئها، ويستبشروا بغيثها الهنيء المريء، حتى إذا تكامل عددهم، وتألف جمعهم، رمتهم بشرر وشهب، وأمطرتهم بعذاب وسخط، وجاءتهم صيحة من السماء، وأحسوا الأرض تزلزلت تحت أقدامهم، فاشتد خوفهم وعظم قلقهم، وطاشت عقولهم وذعرت نفوسهم وخفقت قلوبهم، وخارت أقدامهم. جاءتهم الصيحة وأخذتهم الرجفة، علا صياحهم وضج بكاءهم، وارتفع نحيبهم فدمرت أجسادهم، وزهقت أرواحهم -(فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ)- [هود/67]، -(الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ*فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ)- [الأعراف/92-93] وقال تعالى: -(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ*إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ*وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)- [الشعراء/189-191]. عباد الله: إن لكل شيء سببا ولكل حادث قدرا، ولكن الأمر الذي يجب أن لا يغيب عن وعي من هو الذي يملك إيجاد مثل هذه الحوادث في لحظات مفاجئة من غير سابق إنذار أليس هو الله وحده؟ بلى إنه بيده أزمّة الأمور لا إله إلا هو سبحانه فهو الذي يجير ولا يجار عليه، وهل يستطيع العباد بما أوتوا من قوة وعلم أن يمنعوها قبل وقوعها؟ فضلا عن أن يقضوا عليها بعد وجودها. ويبتلي الله عباده بالضراء. أليس تخويفا لهم وتذكيرا عند الغفلة والإعراض والبعد عن الله؟ فلقد فشت المنكرات وضيعت عند بعض الناس صلاة الفجر، وظهر التبرج والتطاول على شرع الله في أمور المرأة وغيرها، وكثر تعاطي المخدرات والرشوة والربا والغش والتزوير، وارتفعت أصوات المزامير الشيطانية والأغاني الخليعة في بعض البيوت، وعرضت فيها الأفلام الخبيثة عبر بعض القنوات الفاجرة، وكثرت الغيبة والنميمة في مجتمعنا. فتوبوا إلى ربكم واجتنبوا المعاصي فإنها اجتنابها من أقوى الأسباب لدفع البلاء ورفعه. الحمد لله رب العالمين ,,,,,,
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~