|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القِبلَة وبعض أحكامها
القِبلَة وبعض أحكامها -------------------------------------------------------------------------------- هذه أجوبة نفيسة وتقييدات شريفة كتبها: العلامة الفقيه الشيخ محمد التاويل حفظه الله تعالى أستاذ الفقه وأصوله بجامع القرويين أجاب بها عن أسئلة وردت إليه من أ مريكا حول: القِبلَة وبعض أحكامها بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد، لقد أحال علي الأخ الكريم الإمام زيد شاكر أربعة أسئلة في موضوع استقبال القبلة، وطلب مني تبِيان المذهب المالكي فيها. يقول السؤال الأول: من العبارات التي ذكرها الفقهاء في كتبهم عند ذكرهم استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، والقبلة في اللغة الجهة، والمراد هنا الكعبة. ما هو تعريف الجهة ؟ وهل يقصد بها أقرب طريق؟ إذا كان المقصود بالجهة أقصر طريق، فهل هذا التعريف شرعي أم لغوي أم حسي ؟ حيث إن الفقهاء لم يذكروا في كتبهم أن المقصود بالجهة أقصر طريق. والجواب: أن معنى الجهة عند القائلين باستقبالها هي الناحية التي توجد فيها الكعبة المشرفة بالنسبة للمصلي، بحيث يواجه بوجهه تلك الجهة والناحية وهو في صلاته، وقد تكون المشرق أو المغرب أو غيرهما من الجهات الأصلية أو الفرعية: الجنوب الشرقي أو الشمال الشرقي مثلاً، كما يدل على ذلك حديث: (ما بين المشرق والمغرب قبلة)، رواه الترمذي وصححه. كما أن المعتبر في اعتبارها هو أقرب طريق بين الكعبة ووجه المصلي؛ لأنها جهته التي تواجهه، وإذا كانت نصوص الفقهاء ليس فيها ما يدل صراحةً على اعتبار أقرب طريق أو أبعده، فإن في كلامهم ما يستنتج منه ذلك بوضوح وهو: 1- إجماعهم على أن من استدبر القبلة في صلاته بطلت عليه، فإن هذا يدل على أن المراد أقرب جهة، لأن من استدبر القبلة في الجهة القريبة يكون مستقبلاً لها في الجهة البعيدة نتيجة كروية الأرض، وبهذا نستطيع القول إن المعتبر هو أقصر طريق؛ لأنه لو كان المقصود أي طريق لما أجمعوا على بطلان صلاة من استدبرها في الجهة القريبة. 2- حديث تحويل القبلة، فإنه لو كان المقصود استقبال الكعبة في الجهة القريبة أو البعيدة لما أمرهم الله تعالى بتحويل القبلة، لأنهم حين صلاتهم لبيت المقدس كانوا مستدبرين لها من أقرب طريق، ومستقبلين لها من أبعد طريق، لأن من استقبل بيت المقدس استدبر الكعبة، والعكس كما أشار لذلك ابن حجر في الفتح (1/507). وبالتالي فمستقبل بيت المقدس في الجهة القريبة مستقبل للكعبة في الطريق البعيدة ضرورة كروية الأرض، فالأمر بتحويل القبل دليل على أن المعتبر أقرب طريق لا أبعده، والأظهر أن دلالة لفظ الجهة على هذا المراد دلالة لغوية؛ لأن لفظ الجهة مشتق من المواجهة، يقال: واجهتُ فلاناً، جعلتُ وجهي تلقاء وجهه، وهذا إنما يتحقق في مواجهته من الجهة القريبة فيما يبدو، وإلا كان مواجهاً لغيره إذا واجهه من الجهة البعيدة. تابع |
20/5/2010, 04:14 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
السؤال الثاني يقول: ذكر الفقهاء في كتبهم: وأمر القبلة إنما يتحقق بقواعد الهندسة والحساب، بأن يعرف بعد مكة عن خط الاستواء وعن طرف المغرب، ثم بعد البلد المفروض كذلك، ثم يقاس بتلك القواعد ليتحقق سمت القبلة. هل أمر تحديد القبلة متروك تماماً إلى علماء الهندسة ؟ ولا يجوز للفقيه أن يتكلم في جهة القبلة حتى يستدل بأدلتها ويعرفها ويعرف كيفية الاستدلال بها ؟ إذا كان أمر القبلة يرجع فيه إلى علماء الهندسة والحساب، فهل يتم حساب اتجاه القبلة على أساس كروية الأرض، أم على أساس أن الأرض مسطحة ؟ وإذا قلتم: على أساس أن الأرض كروية، فما هو الدليل على ذلك ؟ علماً بأنه لم يذكر الفقهاء في كتبهم أن كروية الأرض شرط في حساب اتجاه القبلة. وإذا قلتم على أساس أن الأرض مسطحة فهل المقصود بقولهم، ثم يقاس بتلك القواعد هو أن نصل خطاً مستقيماً بين البلد وبين مكة، وتحسب زاوية ميله عن الشمال ويكون هذا هو اتجاه القبلة ؟ وقبل الجواب عن هذا السؤال، نشير إلى أنَّ المشهور الذي عليه علماء المسلمين هو أن المعتبر في استقبال القبلة في حق الغائب عن الكعبة هو استقبال جهتها، كما سبقت الإشارة إليه في الجواب عن السؤال الأول، والقول بوجوب استقبال سَمْتها كما جاء في التمهيد لهذا السؤال هو قول ضعيفٌ جداً يرده: 1- حديث (مابين المشرق والمغرب قبلة)، فإنه لو كان المطلوب هو السمت لما اتسع هذا الاتساع بين المشرق والمغرب. 2- ما روي عن عمر وابن عمر وعلي وعثمان وغيرهم من الصحابة بألفاظ مختلفة: ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا استقبلت القبلة. 3- قوله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) فقد فسَّر غير واحد الشطر في الآية بالجهة. 4- ما ثبت في الصحيح أن أهل قباء كانوا يصلون، فجاءهم آت وأخبرهم بتحول القبلة فتحولوا، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة وهم في صلاتهم، فبقاؤهم على صلاتهم دليل على أنهم بنوا على الجهة دون السمت؛ لأن السمت يتطلب استخراجه وقتاً طويلاً، وتأملاً ونظراً، واستعمال آلات الرصد والهندسة، ولم تكن متوفرة لهم، ولم يثبت استعمالهم لها في تلك الصلاة على الأقل. 5- إجماع الفقهاء على صحة صلاة الصف الطويل الذي يزيد طوله على طول الكعبة، فإنه يدل على اعتبار الجهة دوت السمت، وإلا لبطلت صلاة من خرج عن طول الكعبة. 6- أن التكليف بمراعاة السمت تكليف شاق، لا يكاد يطيقه الكثير، وهو مخالف لقوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، وقوله: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، وغير ذلك من النصوص الشرعية النفاية للحرج عن هذا الدين، خاصةً إذا روعي قوله صلى الله عليه وسلم: (نحن أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب)، فكيف يصح تكليف هذه الأمة بمراعاة السمت المتوقف على علوم دقيقة لم تكن معروفة عند نزول الأمر باستقبال القبلة، ولهذا يقول ابن سراج من المالكية: وما السمت فلم يرد الشرع بمراعاته، فلا يلتفت إليه. ويقول: وأما الاستدلال بالآلات فلم يرد عن السلف الصالح رضي الله عنهم، فلا يلزم الرجوع إليها، ولا يجوز أن تجعل حاكمة على الأدلة الشرعية، وحسب من يستدل بها أن يستخرج بها الجهة خاصة. المعيار (1/122). وانطلاقاً من هذا يتبين أن المسؤول عن تحديد أمر القبلة هو العارف بأدلتها من فقهاء وغيرهم، ممن يمكنهم معرفة جهتها بالأدلة الشرعية أو غيرها من العلوم الهندسية، ولا يختص ذلك بفريق دون فريق، وقد جرت عادة ملوك المغرب بإشراك الفقهاء والفلكيين في نصب المحاريب أو تصحيحها، كما ثبت عن علي بن تاشفين، والمولى إسماعيل، والمولى رشيد وآخرين، حاشية كنون على الرهوني (1/355). وفي حال تولي الفلكيين لتحديد القبلة يجب أن يعملوا في حسابهم أن المطلوب هو الجهة، وأن السمت بمعناه الدقيق عند أهل الرصد غير مطلوب باتفاق الفقهاء: من قال باعتبار الجهة ومن قال باعتبار السمت، وفي ذلك يقول ابن سراج: أما السمت فلم يرد الشرع بمراعاته فلا يلتفت إليه، لأن السمت عند أهل الآلات هو أن يُقدَّر أن لو وضع خط مستقيم من مكان الإنسان لوقع مقابل للكعبة، والقائلون بطلب السمت من الفقهاء لا يضيقون هذا التضييق، وإنما يكفي عندهم المسامتة بالأبصار كما تسامت النجوم. تايع |
||||
20/5/2010, 04:16 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
السؤال الثالث يقول: ذكر في كتب الفقه أن أصول الأدلة على القبلة ستة، هي: 1- معرفة أطوال البلاد وعروضها مع الدائرة الهندسية وغيرها من الأشكال الهندسية. 2- القطب، 3- النجوم، 4- الشمس، 5- القمر، 6- الرياح وهي أضعفها ثم أقواها معرفة الأطوال والعروض والقطب. كيف تم وضع النجوم في المرتبة الثلاثة في أصول الأدلة على القبلة، علماً بأن الله ذكر في كتابه الكريم (وبالنجم هم يهتدون)؟ هل المقصود بالاهتداء في الآية الكريمة هو معرفة الجهات الرئيسية: الشمال، الجنوب، الشرق، الغرب، أم يهتدون بالنجوم في معرفة اتجاه القبلة في بلاد لا يوجد فيها محاريب وأهل هذه البلدة غير مقبولة شهادتهم؟ والجواب أنه يجب أن يعلم أن أدلة القبلة عند المالكية غير محصورة في الستة المذكورة، كما أنها غير مرتبة عندهم على هذا النحو المذكور، وإن كان الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته اقتصر على هذه الستة، وأصله لشراح المنهاج وحواشيه، إلا أن المالكية توسعوا في ذلك، ولم يقفوا عند ذلك العدد، ولم يرتبوها ذلك الترتيب. يدل لذلك ما قاله القرطبي في تفسيره –وهو مالكي- وحكى الإجماع على ذلك: قال: وأجمعوا على أن كل من غاب عنها –يعني الكعبة- أن يستقبل ناحيتها وشطرها وتلقاءها، فإن خفيت عليه فعليه أن يتسدل على ذلك بكل ما يمكنه من النجوم والرياح والجبال، وغير ذلك مما يمكن أن يستدل به على ناحيتها. (2/108). وقال في مكان آخر: (10/62): قال علماؤن: وحكم استقبال القبلة على وجهين، فذكر الأول، ثم قال: والآخر أن تكون الكعبة بحيث لا يراها، فيلزمه التوجه نحوها وتلقاءها بالدلائل، وهي الشمس والقمر والنجوم والرياح، وكل ما يمكن به معرفتها. ومن عطف على هذه العلامات بعضها على بعض بالواو التي لا تفيد الترتيب يتبين أن المالكية لم يرتبوها الترتيب المشار إليه، كما يدل على ذلك أيضاً قول المالكية فيمن التبست عليه الأدلة وتعارضت عنده مع ظهورها: إنه يتخير جهة من الجهات ويصلي إليها، ولا يقلد غيره ولا محراباً، وقيل: يصلي أربع صلوات، صلاة لكل جهة، قال خليل: فإن لم يجد أو تحير مجتهد تخير، ولو صلى أربعاً لحسن واختير، فقد اتفق القولان على صلاة واحدة لأي جهة، أو أربع صولات لكل جهة على الخلاف، ولم يقل واحد منهما بترجيح علامة على علامة، وتقديمها وإلغاء غيرها، لقولة الأولى وضعف الأخرى. انظر الدردير والدسوقي (1/227). وهذا لا ينافي أن بعضها أسهل معرفة من بعض، وفي هذا يقول ابن العربي: (3/1149): أما جميع النجوم فلا يهتدي بها إلا العارف بمطالعها ومغاربها، والفرق بين الجنوبي والشمالي منها، وذلك قليل في الآخرين. وأما الثريا فلا يهتدي بها إلا من يهتدي بجميع النجوم، وإنما الهدي لكل أحد بالجدي والفرقدين؛ لأنها من النجوم المنحصرة المطالع، الظاهرة السمت، الثابتة في المكان، فإنها تدور على القطب الثابت دوراناً محصلاً، فهي أبداً هدي الخلق في البر إذا عمت الطرق، وفي البحر عند مجرى السفن، وعلى القبلة إذا جهل السمت، وذلك على الجمة بأن تجعل القطب على ظهر منكبك الأيسر، فما استقبلت فهو سمت الجهة. ومن هذه النصوص يتبين أن الشق الأول من السؤال: كيف يتم وضع النجوم.. إلخ هو سؤال غير وارد على الفقه المالكي الذي لا يرى الترتيب بين الأدلة، نعم قد يتبادر إلى الذهن حصر الأدلة في النجوم لاقتصار القرآن عليها، وعدم ذكر غيرها، إلا أن الجواب عن هذا أن تقديم الجار والمجرور في الآية هو لرعاية الفواصل، أو الاهتمام، ولا يدل على الحصر. وبالنسبة للشق الثاني من السؤال، وهو: ما هو المقصود من الاهتداء ؟ فإن هناك خلافاً بين المفسرين: الأول: وهو رأي الجمهور: أن المراد به الاهتداء في الأسفار، وهو يعم الاهتداء إلى الجهات الأربع الأصلية والفرعية. والرأي الثاني: الاهتداء في القبلة. والثالث لابن عباس رضي الله عنهما، ورواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: (وبالنجم هم يهتدون)، قال: هو الجدي يا ابن عباس، عليه قبلتكم، وبه تهتدون في بركم وبحركم. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (10/61). وسبب الخلاف هو حذف متعلق يهتدون، والأول أنسب بالسورة؛ فإنها مكية، والقبلة واستقبال الكعبة إنما فرضت بعد الهجرة. والثالث أوفق بالقاعدة المشهورة: حذف المعمول يؤذن بالعموم، وقد تأكد بروايته مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى القول الثاني والثالث فإن الاهتداء بالنجوم، والاستدلال بها على القبلة هو بالنسبة للعارف بها، وهو ما يسميه الفقهاء بالمجتهد عند الحديث عن القبلة. وقد بينا فيما يأتي أنه لا يجب عليه اتباع محاريب البلد، سواء كان واضعوها موثوقاً بهم أم لا، إلا أنه إذا أراد باختياره تقليد محاريب البلد فإنه يجوز بالشروط الآتية: - أن يعلم أنها موضوعة باجتهاد جمع من العلماء العدول. - أن لا يكون مطعوناً فيها مقطوعاً بخطئها. - أن لا يتكون في البلد محاريب مختلفة الجهات لا يعرف الصحيح منها. كما سيأتي أنه إذا اجتهد بنفسه وأداه اجتهاده لخلاف ما عليه محراب البلد، فإنه يجب عليه اتباع اجتهاده. تابع |
||||
20/5/2010, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
السؤال الرابع يقول: إذا ذهب فقيه إلى بلد فيها محاريب منصوبة من غير وضع الصحابة والتابعين، ولكن على سمت وضع ذوي العلم من الهندسة والحساب الموثوق فيهم، ثم تحرى القبلة وصلى إلى جهة تحريه، وكانت مخالفة لجهة المحاريب، فهل يصح تحريه ؟ أم فرضه التوجه إلى محاريبهم وقبلهم المنصوبة ؟ ما هو موقف عوام المسلمين في هذه الحالة ؟ هل يتبعون اجتهاد الفقيه ؟ أم يتعبون ذوي العلم من الهندسة والحساب ؟ أم أن لهم الخيار ؟ وإذا تبين لهم خطأ من اتبعوه فهل عليهم الإعادة ؟ وإذا وجد في بلدة ما محاريب مختلفة ومن غير وضع الصحابة والتابعين، وقد ادعى كل فريق تيقنه بأنه على صواب في تعيين اتجاه القبلة، ولكن نسبة تسعين بالمائة أو أكثر تصلي إلى جهة معينة، فهل يعتبر هذا إجماعاً على صحة القبلة في هذا الاتجاه ؟ وهل يلزم المخالفين اتباع هذه الجهة أم لا ؟ بالنسبة لهذا السؤال يتلخص الجواب عنه في النقط التالية: 1- بالنسبة للفقرة الأولى الخاصة بالفقيه الذي أداه اجتهاده إلى جهة غير جهة المحاريب المنصوبة في البلد على يد الموثوق بهم من ذوي العلم بالهندسة والحساب، يجب أني علم أن أمر القبلة عند المالكية منوط بمعرفة أدلة القبلة، فإذا كان هذا الفقيه عالماً بأدلة القبلة قادراً على معرفتها بنفسه وبوسائله، فإنه لا يلزمه تقليد المحاريب المنصوبة من طرف غيره على الصحيح من المذهب المالكي، حسبما نقله وسلمه الونشريسي في المعيار (1/118)، واعتمده حواشي خليل: بناني والدسوقي، انظر الدسوقي (1/226). فإن اختار تقليدها فله ذلك، وإن اجتهد فأداه اجتهاده إلى خلاف ما عليه المحاريب وجب عليه العمل باجتهاده، وامتنع عليه تقليد غيره بعد اجتهاده إلى خلاف ما عليه المحاريب وصلى لغيره بطلت صلاته، عملاً بالقاعدة الأصولية والفقهية: أنه لا يقلد مجتهدٌ غيره بعد اجتهاده، فالذين سبقوه لوضع المحراب وضعوه باجتهاد، وهو مجتهد مثلهم، خالفهم في اجتهادهم، فلا يترك اجتهاده لاجتهاد غيره، ولهذا يشير خليل بقوله: ولا يقلد مجتهد غيره ولا محراباً إلا لمصر. 2- بالنسبة لعوام المسلمين في هذه الحالة، فهم بين اجتهادين متنافيين: اجتهاد واضعي المحراب، واجتهاد الإمام المخالف، وهناك رأيان في المذهب: الأول: أنهم يخيرون في تقليد الفقيه المجتهد، وتقليد المحراب المنصوب في البلد، وهذه الرأي هو ظاهر خليل حيث يقول: وقلَّد غيره مكلفاً عارفاً أو محراباً. والرأي الثاني: أنه يقلد المجتهد ويقدمه على تقليد المحراب في القرية الصغيرة، ويقدم المحراب على المجتهد في المصر. الدسوقي (1/227). 3- وبالنسبة للإعادة إذا تبين لعوام المسلمين خطأ من قلدوه، فإن المشهور في المذهب هو التفصيل، فإن كان الانحراف يسيراً خفيفاً، فلا إعادة عليهم، لا ندباً ولا وجوباً، وإن كان الانحراف كثيراً استدبروا معه القبلة، فإنه يستحب لهم الإعادة، ولا تجب عليهم على المشهور، بناء على أن الواجب هو الاجتهاد في القبلة، لا إصابة عينها، خلافاً لمن قال بوجوب الإعادة بناء على أن الواجب هو الإصابة، ولا يكفي الاجتهاد إذا أخطأ، وعلى المشهور من ندب الإعادة فقط فإنه يعيد الصبح ما لم تطلع الشمس، والعشاءين ما لم يطلع الفجر، والظهرين ما لم تصفر الشمس على الصحيح في المذهب. 4- وبالنسبة للمحاريب المختلفة في بلد واحد، والتي بلغت نسبة المتفقين على بعضها تسعين أو أكثر بالمائة على صحته: فإن هذا الاتفاق لا يعتبر إجماعاً، لأن الإجماع عند الأصوليين هو اتفاق جميع مجتهدي الأمة، وهؤلاء المتفقون في هذه الحالة بعض السكان، فهم أولاً ليسوا كلهم مجتهدين، وغير المجتهدين لا عبرة بهم، وقد تكون هذه الأغلبية مكونة منهم، فلا يلتفت إليهم. ثم ثانياً المجتهدون من هذه الأغلبية بعض المجتهدين، وليسوا كلهم، ضرورة أنهم محصورون في بلد، وإجماع أهل بلد واحد لا يعد إجماعاً عند الأصوليين. ويبقى الكلام، هل يلزم الأقلية اتباع الأغلبية، أم لا ؟ كما جاء في السؤال. والحكم هنا ما قاله القرافي في ذخيرته ونقله حواشي خليل:إنه يشترط في تقليد المحاريب أن لا تكون مختلفة ولا مطعوناً عليها من أهل العلم، وإن اختل أحد الشرطين لم يجز تقليدها إجماعاً. حاشية كنون على الرهوني (1/354). وهو محمول على المحاريب المختلفة الجهة، أما المحاريب المختلفة السموت المتحدة الجهة فهذه يجوز تقليد كل واحد منها، بناء على الصحيح من أن الواجب هو استقبال القبلة، ولا يتعين استقبال سمتها، وفي هذا يقول ابن البناء: إن المساجد التي بنيت إلى الجهة على سوت مختلفة صحيحة على ما بنيت، ولا يجوز تغييرها، فإنها موافقة للاجتهاد، فصار البناء فيها حكماً واقعاً على وفق الاجتهاد لا ينقض، وارتفع الخلاف فيها إجماعاً. المعيار (1/122). وبهذا يتبين أن اختلاف المحاريب في الجهة مانع من تقليد أي واحد منها، ويجب على المجتهد الاجتهاد، وأما غيره وهو الاختلاف في السمت دون الجهة، فإنه يتخير إذا لم يجد مجتهداً غير هذه المحاريب. وكتب: الأستاذ محمد التاويل أستاذ الفقه وأصوله بجامع القرويين تقبل الله منا ومنكم
|
||||
20/5/2010, 10:40 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
نـجـم نـجـوم المهندسين العرب
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
مشكور اخى بارك الله فيك
|
||||
21/5/2010, 12:10 AM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
|
||||
21/5/2010, 12:14 AM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
|
||||
22/5/2010, 09:34 AM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
|
||||
22/5/2010, 11:37 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
مـهـند س مـحـتـرف
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
|
||||
23/5/2010, 07:10 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
مـهـند س نـشـيط
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
بارك الله فيك اخى الغالى
|
||||
23/5/2010, 10:23 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
|
||||
23/5/2010, 10:24 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: القِبلَة وبعض أحكامها
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~