|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ماذا بعد انقضاء رمضان
كأنَّ شيئًا لم يكُن إذا انقضَى، وما مضَى مما مضَى فقد مضَى، بالأمس كنا نستنشِقُ عبيرَ شهرٍ كريمٍ بملئِ صدورنا وملئِ أسماعنا وأبصارنا، ما بين مُقِلٍّ فيه ومُكثِر، غيرَ أن سُنَّة الله قد دلَّت على أن لكل بدايةٍ نهاية، ولكل تمامٍ نقصًا، وأن كل شيءٍ هالِكٌ إلا وجهه - سبحانه -؛ فهو الآخر وليس بعده شيء، فلا دائمَ إلا الحي الذي لا يموت، (( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )) [يس: 39]. لقد طُوِيَت صحيفةُ رمضان، وانقضَت سوقٌ كانت عامِرةً بالخيرات والحسنات، ربِح فيها من ربِح، وخسِر من خسِر، وحُرِم من حُرِم. فمن كان يعبُد رمضان فإنه قد ولَّى وانقضَى، ومن كان يعبُد اللهَ فإن الله هو ربُّ الشهور كلِّها، فبِئسَ القوم لا يعرِفون الله إلا في رمضان؛ لأن في بقيَّة الشهور والأيام من أصول الطاعات المشروعة في رمضان كما هي الحالُ في رمضان، غيرَ أنها في شهر رمضان تتناسَقُ بكيفيَّةٍ فريدةٍ عن بقيَّةِ الشهور. وإلا فإن الصدقة، وقيام الليل، وصوم النوافِل، وتلاوة القرآن، والتسبيحَ والتهليل، وكل أنواع الجُود قد حضَّ عليها الخالقُ الكريمُ في غير رمضان. ولذا فقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان أجودَ الناس - أي: في عُموم حياتِه -، غيرَ أنه أجودُ ما يكونُ في رمضان. وإنه لعيبٌ في المرء أن يضعُفَ بعد قوةٍ، ويُسيءَ بعد إحسانٍ، وإن المؤمنَ المُلهَم هو الخائِفُ الراجِي الذي توسَّط يوم تبايَنَ آخرُون، يعبُد اللهَ في كل حينٍ، وعلى كل حالٍ، يستزيدُ في زمن الزيادة، ويعتدِلُ في زمن الاعتِدال، لا يفتُرُ عن الطاعة، ويُتبِعُ الحسنةَ الحسنة، ويظهرُ من سُلوكه وعملِه بعد رمضان ما يُشيرُ إلى قبول عملِه؛ لأنه زمَّ نفسَه عن الحَور بعد الكَور، ولم يقَع فيما حذَّر منه الله بقوله: (( وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا )) [النحل: 92]. فرحِمَ الله امرأً استقامَ على طاعة ربِّه بعد رمضان، وأمسكَ بما عاهَدَ عليه خالِقَه من التوبة النَّصُوح، وسُؤال مغفرة الذنوب، والعِتق من النِّيران؛ لأن الهوَى مُكايِد، ومن استمسكَ بالعُروة الوُثقى سلِم من هواه، وجعل صِلَتَه بالله لا تنفكُّ مهما تقلَّبَت الأيام والشهور. فاستدامَ على الطاعة، وروَّضَ نفسَه على التكيُّف مع العبادة بحسب أوقاتها وتفاضُلِها دون كلَلٍ أو ملَلٍ. ولئن كانت الطاعةُ تحتاجُ إلى مُجاهدٍ وصبرٍ؛ فإن الاستقامةَ عليها تحتاجُ إلى مُجاهدةٍ أكبر، وصبرٍ أعظم، (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ )) [فصلت: 30، 31]. فيا أهل التوبة! استيقِظوا، ولا ترجِعوا بعد رمضان إلى ارتِضاع ثديِ العجز والكسَل بعد الفِطام؛ فإن النكسةَ أعظم من المرض نفسِه، وذنبٌ بعد التوبة أقبحُ من ذنوبٍ قبلَها. ألا إن من فعلَ ما يُوعَظُ به كان خيرًا له وأشدّ تثبيتًا في الدنيا والآخرة على عملٍ صالحٍ ونعيمٍ مُقيمٍ، (( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ )) [إبراهيم: 27]. باركَ الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعَني وإياكم بما فيهما من الآياتِ والذكرِ والحكمة. الحمد لله رب العالمين ,,,,,,,
|
10/7/2016, 06:35 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
مـهـندس مـحـتـرف
|
رد: ماذا بعد انقضاء رمضان
شكرا لك اخى
وبارك الله فى جهودك وأسال الله لك التوفيق دائما ونفعنا الله وأياك بما تقدمه |
||||
11/7/2016, 09:07 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | |||
كبار الشخصيات
|
رد: ماذا بعد انقضاء رمضان
كل الشكر لك احي
|
|||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~