" الأرض في القرآن ..ج1

[Mr.Mostafa]

" الأرض في القرآن ..ج1

الجزء الأول
الحالات المختلفة للأرض
يبين لنا القرآن أن الأرض تمر بثلاث حالات هي :
1- حالتها أثناء الحياة الدنيا ( منذ النشوء إلى قبيل قيام الساعة )
2- حالتها أثناء قيام الساعة
3- حالتها بعد قيام الساعة أو أثناء الحشر
* حالة الأرض أثناء الحياة الدنيا
تتميز " الأرض " في هذه الحالة بتمتعها بثلاثة مفاهيم مختلفة هي :
أولاً : مفهوم الكون تحت السماوي ، حيث تعبر بعض البيانات عن أن الأرض هي كل الكون .
ثانياً : مفهوم الأرض الكوكب ؛ كجرم كوني صلب ( بارد ) .
ثالثاً : مفهوم المواقع التي يعيش عليها الناس ؛ كقولنا : (( هذه أرضنا ، وهذه أرضكم )) .
وقد لاحظت في الآية التالية :
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ(مفهوم الكون) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ(م . الكوكب ) بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ(م . الكوكب)لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ *}( البقرة 164)
تعبيراً عن الأرض بمفهوميه الكوني والكوكبي .
أما الآية التالية :
{ يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ(م . المواقع ) الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ }( المائدة 21)
فأراها تعبر عن مفهوم الأرض- المواقع .
أولاً : الآيات الدالة على الأرض التي تعبر عن الكون
{ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا }( الرحمن 33 )
هذه الآية تكاد تكون كافيةً للتعبير عن المفهوم الكوني لكلمة " الأرض " .
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ(مفهوم الكون) كُلُّهُمْ جَمِيعًا }(يونس 99)
هذه الآية تعتبر أكثر تعبيراً عن مفهوم الأرض الكونية ، والذي يدفعنا إلى هذا القول هو أن فريضة الإيمان وطاعة الله منوطة بخلق الله من الجن والإنس ، ونحن نعتبر أن الجن مخلوقات كونية لقوله تعالى :
{ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا *}( الجن 8 - 9)
إضافة لما أوردته الآية من عبارة " كلهم جميعاً " التي يفترض أنها تعبر عن الجن والإنس كانت كلمة " الأرض " التي فيها معبرة عن الكون .
وبناء عليه أرى أن الآيات التالية :
{ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ }( البقرة 33)
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ }( آل عمران 5)
{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ }( البقرة 107)
{ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ }( البقرة 36)
{ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ( المادة والملائكة والجن والإنس ) }( آل عمران 83)
{ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ }( المائدة 36)
{ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ }( الأنعام 75)
{ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ }( إبراهيم 48)
{ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}( السجدة 5)
{ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا }(فاطر 41)
{ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * .. * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ *}(فصلت 9- 11)
كلها تعبر عن المفهوم الكوني للأرض .
ثانياً : الآيات الدالة على الأرض التي تعبر عن الكوكب الأرضي أو البسيطة أو الغبراء
{ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا }( النمل 61)
{ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ }( الرعد 3)
{ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ }( الحجر 19)
{ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ *}( النحل 49)
{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً }( البقرة 22)
{ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ ..* .. * وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ..* }( الأنعام 35- 38 )
{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا }(هود 6)
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا }( البقرة 168)
{ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ .. * .. *.. وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا ..* } ( الأعراف 10- 168)
ثالثاً : الآيات الدالة على الأرض التي تعبر عن " المواقع التي يعيش عليها الناس " ، وهذا يعني " الأوطان " التي تعبر بدورها عن البقاع والمجتمعات ، وخير ما يدل على هذين المكونين معاً نجده في الآيات التالية :
{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ(مجتمعات) قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً ( بقاع )فَتُهَاجِرُوا فِيهَا }( النساء 97)
أما الآيتان التاليتان :
{ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ *}( البقرة 205)
{ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ }( البقرة 60)
فتصلحان للتعبير عن الأرض كبقاع ، وذلك عند إفسادها تخريباً ( تخريب الموارد الطبيعية ، والحضارات ) ، وكمجتمعات عند إفسادها بالعقائد غير الصالحة ( الكفر ، والفسوق ) .
وأما الآية التالية :
{ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }( آل عمران 137)
فتعبر أيضاً عن الأرض - الموقع ؛ حيث يمكن للباحث من أن يتعرف عن عاقبة المكذبين من خلال أطلال ما بنوه ، وعن الأرض - المجتمع من خلال ما يحدثه عنه أهل الأراضي من قصص عن سابقيهم من سكان هذه الأرض .
1- الآيات التي تعبر عن البقاع الأرضية
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ }( البقرة 268)
{ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا }( البقرة 61)
{ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً }( النساء 100)
{ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ }( البقرة 273)
{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ }( البقرة 71)
{ يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ }( المائدة 21)
{ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ }( المائدة 31 )
{ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ }( الأعراف 73 )
2- الآيات التي تعبر عن المجتمعات
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ }( البقرة 11)
{ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ *}( البقرة 27)
{ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ *}( البقرة 205)
{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ }( البقرة 251)
{ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ ..* وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ }( يوسف 55- 56)
{ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}(ص 26)

[انور حافظ احمد]

[Mr.Mostafa]

تشرفت بمروك اخى الكريم

[ايهاب هاشم]

جزاكم الله خيرا

[Mr.Mostafa]