|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البركة في الرزق والصحة
البركة في الرزق والصحة الرزق هو النصيب يكون به تَقَوُّتُ الأبدان، ونماء العقول، وغذاء الأرواح، فالمأكول رزقٌ، والمشروبٌ رزقٌ، والمكتشفات من العلوم ونظرياتها، ومن الفنون وتطبيقاتها، من حيث لا يحتسب العبد، هي رزقٌ يأتيه به الله تعالى من غير ارتقاب، وعلى رفقٍ في وقت الحاجة إليه. والرزق ما يحمل المرزوقُ على أن يصرفه في وجه القُربة، لأنه من الله، وإلى الله ينبغي أن يتوجه[1]. والرزَّاق هو الله تعالى، وهو الكافي، وهو الطاعم، وهو الذي خلق المعايش يسع رزقه الجميع. قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58]. والبركة في الرزق: هي النماء والزيـادة، وهي الرخاء والسعة في الأرزاق المعنوية والمادية المشروعة، وهي كل شيء يدخل البهجة والفرحة على النفس وينشرح له الصدر ويُسعَدُ به الفؤاد. والمعنى الدارج للبركـة في الــرزق بين النـاس هـو الزيـادة والسعة في المال والربح والكسب وهذا فهم قاصر حيث يركـز على الماديات فقط ويهمل الروحانيـات والمشاعـر والعـواطف، كما لا يأخذ في الاعتبار الرزق الخفي مثـل الحفظ من السـوء والمكـاره والأذى والتعب النفسي[2]. والمربي الفاضل يعلم بأن تربية الأبناء تربية اقتصادية فيها تقوى الله، والتقوى تجلب البركة في الرزق. يقول الله تعالى:﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]. فالتقوى مفتاح الرزقين: رزق الدنيا ورزق الآخرة. وعندما نربي أبناءنا على تقوى الله تعالى، ونغرس في قلوبهم أن ما في الإنسان من نعمة فهي من الله الرزاق الكريم، وعليه أن يصرف ماله بشكل حسن حلال زكي طاهر فلا يبخل به بل ينفقه على نفسه وعلى أهله وعلى خلق الله المحتاجين. فالإنفاق لوجه الله تعالى سراً وعلانية مجلبة للرزق.﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]. والشكر على الرزق مجلبة للرزق، ﴿ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 38]. فبالشكر تدوم النعم، "وبالشكر على النعمة يزيد الإنعام والإكرام، والكفر بها يستوجب الحرمان والهجران. وشكر النعمة وصال ونوالٌ"[3]. ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]. ولعل من حكمة الله في بسط الرزق على بعض الناس، وتضيقيه على البعض، أن وجدان المال سبب للانغماس في الشهوات، كشهوة الطعام، والشراب، والسهر، وهذا منهي عنه بالنص القرآني. قال تعالى: ﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ﴾ [طه: 81].فقد أمر الله تعالى عباده أن يأكلوا من اللذائذ التي أنعم بها عليهم من غير إسراف لأن الإسراف في تناول الطعام والشراب والسهر يؤدي إلى الإصابة بالأمراض. وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بركة الإنفاق والتصدق في سبيل الله تعالى. بقوله: صلى الله عليه وسلم "مَن تَصدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسبٍ طَيّبٍ، ولا يَقبَلُ الله إِلا الطَّيِّبَ، وإنَّ الله يَتَقَبَّلُه بِيَمينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّها لصاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلَّ "[4]. وهذه البركة تكون للمال حيث يضاعف الله المعطي لعباده أموالهم التي ينفقونها في سبيله سواء كان الإنفاق على أنفسهم، أم على الفقراء والمساكين. والبركة أيضا تكون للصحة الجسدية والنفسية؛ لأن "من أسباب شرح الصدر الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه والنفع بالبدن وأنواع الإحسان فإن الكريم المحسن أشرحهم صدراً وأطيبهم نفساً وأنفعهم قلباً، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق الناس صدراً وأنكرهم عيشاً وأعظمهم هماً وغماً"[5]. وليست العبرةُ بالنعمة، وإنما العبرةُ بالبركة في النعمة، والبركة هي النفع والزيادة[6]. وإتمام النعمة على العباد أن يختم لهم المُنعم بالخير، ويكفيهم أمور دينهم ودنياهم، ويصونهم عن إتباع الهوى، ويسدّدّهم حتى يؤثروا ما يوجب رضاه تعالى... وإذا أنعم الحق سبحانه على قومٍ بنعمةٍ أمهلهم ليشكروا، فإذا شكروا فبقدر الشُكر تدوم النعم[7]. قال أحد الحكماء: اِغلبْ هواك على الفساد وكُنْ مقبلاً على القصدِ، يُقبل عليك المالُ[8]. وقال ابن عباس رضي الله عنه : إن للحسنة ٍ ضِياءٌ في الوَجهِ ونُوراً في القَلبِ، وَسِعَةٌ في الرزقِ وقوةٌ في البَدنِ ومَحَبةٌ في قُلوبِ الخَلقِ، وإِنَّ للسيئةِ سَوادٌ في الوَجهِ وظُلمةٌ في القَلبِ ووَهنٌ في البَدنِ ونَقص في الرِزقِ وبُغضٌ في قُلوبِ الخَلْقِ[9]. قال أبو سليمان الواسطي[10]: ذكر النعمة يُورث الحبَّ لله[11]. وهذا ما يجب أن يُربى عليه الأبناء، الشكر على كل نعم المُنعم علينا، وعندما نعد الفرد الصالح لنفسه وللمجتمع إعداداً دينياً سليماً، ونغرس في نفسه الإحساس بالمسؤولية تجاه مجتمعه، يتولد لدينا أفراد صالحون معتدلون في سلوكهم وتصرفاتهم وقيمهم الدينية والدنيوية. [1]: الحنفي، عبد المنعم، تجليات في أسماء الله الحُسنى، القاهرة، مكتبة مدبولي،1417هـ/1996 م، 175. [2]: شحاته، حسين حسين، أسباب البركة في الأرزاق في ضوء القرآن والسنة، القاهرة، مدينة نصر، 1432هـ /2011م، 15. [3]: الحنفي، عبد المنعم، تجليات في أسماء الله الحُسنى، 449. [4]: البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الزكاة (24/7)، باب: الصدقة من كسب طيب (8/7)، حديث (1410)، 3، 11. [5]: ابن القيم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي (ت 751هـ/1350م)، زاد المعاد في هدي خير العباد، حققه شعيب وعبد القادر الأرناؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة، الكويت، مكتبة المنار الإسلامية، ط 14، 1407هـ / 1986م، [1- 5]، 2، 22. [6]: الحنفي، عبد المنعم، تجليات في أسماء الله الحُسنى، 359. [7]: المرجع السابق، 449 وما بعدها. [8]: يُنظر، إصلاح المال، ابن أبي الدنيا، 1، 363. [9]: عبيد الضرير، نزهة الناظرين، 191. [10]: أبو سليمان الواسطي: داؤد بن إبراهيم العقيلي أبو سليمان الواسطي كان قاضياً بقزوين، من قبل الرشيد ثم من قبل الأمين والمأمون مات سنة أربع عشر مائتين بقزوين، ودفن بها وكان يعرف الموضع الذي فيه قبره بمشهد أبي سليمان. [11]: ابن أبي الدنيا، عبدالله بن محمد أبو بكر القرشي ( ت281هـ/ 904م)، الشكر، تحقيق بدر البدر، الكويت، المكتب الإسلامي، ط3 1400هـ/ 1908م، 22.
|
6/4/2016, 06:38 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
نجم المنتدي الاسلامي
|
رد: البركة في الرزق والصحة
بارك الله فيك
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~