عرض مشاركة واحدة
قديم 26/8/2008, 09:38 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
klaza_10
مـهـند س نـشـيط

الصورة الرمزية klaza_10

الملف الشخصي
رقم العضوية : 28142
تاريخ التسجيل : Sep 2006
العمـر :
الجنـس :  تايجر
الدولـة :
المشاركات : 305 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 30
قوة الترشيـح : klaza_10 يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

klaza_10 غير متصل

افتراضي رد: ::::أسرار ترتيب القرآن::::

سورة لقمان

أقول‏:‏ ظهر لي في اتصالها بما قبلها مع المؤاخاة في الافتتاح ب ‏{‏الم‏}‏ أن قوله تعالى هنا‏:‏ ‏{‏هُدى ورحمة للمُحسنين الذين يقيمونَ الصلاة ويؤتون الزكاةَ وهُم بالآخرةِ هُم يوقنون‏}‏ متعلق بقوله في آخر سورة الروم‏:‏ ‏{‏وقالَ الذينَ أُوتوا العلمَ والإِيمان لقد لبثتُم في كتاب اللَهِ‏}‏ وأيضاً ففي كلتا السورتين جملة من الأديان وبدء الخلق وذكر في الروم‏:‏ ‏{‏في روضة يحبرون‏}‏ وقد فسر بالسماع وفي لقمان‏:‏ ‏{‏ومِنَ الناسِ مَن يَشتري لهوَ الحديث‏}‏ وقد فسر بالغناء وآلات الملاهي


سورة السجدة

أقول وجه اتصالها بما قبلها أنها شرحت مفاتح الغيب الخمسة التي ذكرت في خاتمة لقمان فقوله هنا‏:‏ ‏{‏ثُمَ يعرج إِليهِ في يومٍ كانَ مقداره أَلف سنة مما تعدون‏}‏ شرح لقوله هناك‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَهَ عِندهُ عِلمَ الساعة‏}‏ ولذلك عقب هنا بقوله‏:‏ ‏{‏عالمِ الغيبَ والشِهادة‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أَولَم يروا أَنّا نسوق الماء إِلى الأَرض الجرز‏}‏ شرح لقوله‏:‏ ‏{‏ويُنزلُ الغيث‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏الذي أَحسنَ كل شيء خلقه‏}‏ شرح لقوله‏:‏ ‏{‏ويعلَم ما في الأَرحام‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏يدبر الأَمر من السماء إِلى الأرض‏}‏ و ‏{‏ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هُداها‏}‏ شرح لقوله‏:‏ ‏{‏وما تَدري نفسٌ ماذا تكسِبُ غداً‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أَئذا ضللنا في الأرض‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏قُل يتوفاكُم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم مرجعكُم‏}‏ شرح لقوله‏:‏ ‏{‏وما تَدري نفسٌ بأَي أَرض تموت‏}‏ فللهِ الحمد على ما ألهم أقول‏:‏ وجه اتصالها بما قبلها‏:‏ تشابه مطلع هذه ومقطع تلك فإن تلك ختمت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن الكافرين وانتظار عذابهم ومطلع هذه الأمر بتقوى الله وعدم طاعة الكافرين والمنافقين فصارت كالتتمة لما ختمت به تلك حتى كأنهما سورة واحدة

سورة سبأ

أقول‏:‏ ظهر لي وجه اتصالها بما قبلها وهو أن تلك لما ختمت بقوله‏:‏ ‏{‏ليُعذبَ اللَهُ المُنافقينَ والمُنافِقات والمُشركينَ والمُشرِكات ويتوب اللَهُ على المؤمنينَ والمؤمنات‏}‏ افتتحت هذه بأن له ما في السموات وما في الأرض وهذا الوصف لائق بذلك الحكم فإن الملك العام والقدرة التامة يقتضيان ذلك وخاتمة سورة الأحزاب‏:‏ ‏{‏وكانَ اللَهُ غَفوراً رَحيماً‏}‏ وفاصلة الآية الثانية من مطلع سبأ‏:‏ ‏{‏وهوَ الرحيم الغفور‏}‏

سورة فاطر

أقول‏:‏ مناسبة وضعها بعد سبأ تآخيهما في الافتتاح بالحمد مع تناسبهما في المقدار وقال بعضهم‏:‏ افتتاح سورة فاطر بالحمد مناسب لختام ما قبلها من قوله‏:‏ ‏{‏وحيل بينَهُم وبينَ ما يشتهون كما فعلَ بأشياعهم من قبلهم‏}‏ فهو نظير اتصال أول الأنعام بفصل القضاء المختتم به المائدة

سورة يس

أقول ظهر لي وجه اتصالها بما قبلها‏:‏ أنه لما ذكر في سورة فاطر قوله‏:‏ ‏{‏وجاءَكُم النَذير‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وأَقسِموا باللَهِ جهد أيمانهم لئن جاءهُم نذير ليكونن أَهدى من إِحدى الأُمم فلما جاءهم نذير‏}‏ والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم وقد أعرضوا عنه وكذبوه فافتتح هذه السورة بالإقسام على صحة رسالته وأنه على صراط مستقيم لينذر قوماً ما أنذر آباؤهم وهذا وجه بين وفي فاطر‏:‏ ‏{‏وسخرَّ الشمس والقمر‏}‏ وفي يس ‏{‏والشَمسُ تَجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم‏}‏ وذلك أبسط وأوضح وفي فاطر‏:‏ ‏{‏وترى الفُلكَ فيه مواخر‏}‏ وفي يس ‏{‏وآية لهم أَنا حلمنا ذُريَتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهُم مِن مثله ما يركبون وإن نشأ نُغرِقُهُم فلا صريخ لهُم ولاهُم ينقذون‏}‏ فزاد القصة بسطاً

سورة الصافات

أقول هذه السورة بعد ‏[‏يس‏]‏ كالأعراف بعد الأنعام وكالشعراء بعد الفرقان في تفصيل أحوال

سورة ص


أقول‏:‏ هذه السورة بعد الصافات كطس بعد الشعراء وكطه والأنبياء بعد مريم وكيوسف بعد هود في كونها متممة لها بذكر من بقى من الأنبياء ممن لم يذكروا فيها فإنه سبحانه ذكر في الصافات نوحاً وإبراهيم والذبيخ وموسى وهارون ولوطاً وإلياس ويونس وذكر هنا داود وسليمان وأيوب وأشار إلى بقية من ذكر فهي بعدها أشبه شيء بالأنبياء وطس بعد مريم والشعراء

سورة الزمر

لا يخفى وجه اتصال أولها بآخر ‏[‏ص‏]‏ حيث قال في ‏[‏ص‏]‏ ‏{‏إِن هو إِلا ذكر للعالمين‏}‏ ثم قال هنا ‏{‏تنزيل الكتاب من اللَهِ‏}‏ فكأنه قيل‏:‏ هذا الذكر تنزيل وهذا تلاؤم شديد بحيث أنه لو أسقطت البسملة لا لتأمت الآيتان كالآية الواحدة وقد ذكر الله تعالى في آخر ‏[‏ص‏]‏ قصة خلق آدم وذكر في صدر هذه قصة خلق زوجه وخلق الناس كلهم منه وذكر خلقهم في بطون أمهاتهم خلقاً من بعد خلق ثم ذكر أنهم ميتون ثم ذكر وفاة النوم والموت ثم ذكر القيامة والحساب والجزاء والنار والجنة وقال‏:‏
‏{‏وقَضى بينَهُم‏}‏ فذكر أحوال الخلق من المبدأ إلى المعاد متصلاً بخلق آدم المذكور في السورة التي قبلها

سورة غافر

أقول‏:‏ وجه إيلاء الحواميم السبع سورة الزمر‏:‏ تآخى المطالع في الافتتاح بتنزيل الكتاب وفي مصحف أبي بن كعب‏:‏ أول الزمر ‏{‏حم‏}‏ وذلك مناسبة جليلة ثم إن الحواميم ترتبت لاشتراكها في الافتتاح ب ‏{‏حم‏}‏ وبذكر الكتاب بعد حم وأنها مكية بل ورد في الحديث أنها نزلت جملة وفيها شبه من ترتيب ذوات ‏{‏الر‏}‏ الست فانظر ثانية الحواميم وهي فصلت كيف شابهت ثانية ذوات ‏{‏الر‏}‏ هود في تغيير الأسلوب في وصف الكتاب وأن في هود‏:‏ ‏{‏كتاب أُحكِمَت آياته ثُم فُصلت‏}‏ وفي فصلت‏:‏ ‏{‏كتاب فصلت آياتهُ‏}‏ وفي سائر ذوات ‏{‏الر‏}‏ ‏{‏تلك آيات الكتاب‏}‏ وفي سائر الحواميم‏:‏ ‏{‏تنزيلُ الكتاب‏}‏ أو ‏{‏والكتاب‏}‏ وروينا عن جابر بن زيد وابن عباس في ترتيب نزول السور‏:‏ أن الحواميم نزلت عقب الزمر وأنها نزلت متتاليات كترتيبها في المصحف‏:‏ المؤمن ثم السجدة ثم الشورى ثم الزخرف ثم الدخان ثم الجاثية ثم الأحقاف ولم يتخللها نزول غيرها وتلك مناسبة جلية واضحة في وضعها هكذا ثم ظهر لي لطيفة أخرى وهي‏:‏ أنه في كل ربع من أرباع القرآن توالت سبع سور مفتتحة بالحروف المقطعة فهذه السبع مصدرة ب ‏{‏حم‏}‏ وسبع في الربع الذي قبله ذوات ‏{‏الر‏}‏ الست متوالية و ‏{‏المص‏}‏ الأعراف فإنها متصلة بيونس على ما تقدمت الإشارة إليه وافتتح أول القرآن بسورتين من ذلك وأول النصف الثاني بسورتين وقال الكرماني في العجائب‏:‏ ترتيب الحواميم السبع لما بينها من التشاكل الذي خصت به وهو‏:‏ أن كل سورة منها اسفتحت بالكتاب أو وصفه مع تفاوت المقادير في الطول والقصر وتشاكل الكلام في النظام انتهى قلت‏:‏ وانظر إلى مناسبة ترتيبها فإن مطلع غافر مناسب لمطلع الزمر ومطلع فصلت التي هي ثانية الحواميم مناسب لمطلع هود التي هي ثانية ذوات ‏{‏الر‏}‏ ومطلع الرخرف مؤاخ لمطلع الدخان وكذا مطلع الجاثية لمطلع الأحقاف سورة القتال لا يخفى وجه ارتباط أولها بقوله في آخر الأحقاف‏:‏ ‏{‏فهَل يهلك إِلا القوم الفاسقون‏}‏ واتصاله وتلاحمه بحيث أنه لو أسقطت البسملة منه لكان متصلاً اتصالاً واحداً لا تنافر فيه كالآية الواحدة آخذاً بعضه بعنق بعض سورة الفتح لا يخفى وجه حسن وضعها هنا لأن الفتح بمعنى النصر مرتب على القتال وقد ورد في الحديث‏:‏ أنها مبينة لما يفعل به وبالمؤمنين بعد إبهامه في قوله تعالى في الأحقاف‏:‏ ‏{‏وما أَدري ما يفعل بي ولا بكم‏}‏ فكانت متصلة بسورة الأحقاف من هذه الجملة

سورة الحجرات

لا يخفى تآخي هاتين السورتين الفتح والحجرات مع ما قبلهما لكونهما مدنيتين ومشتملتين على أحكام فتلك فيها قتال الكفار وهذه فيها قتال البغاة وتلك ختمت بالذين آمنوا وهذه افتتحت بالذين آمنوا وتلك تضمنت تشريفاً له صلى الله عليه وسلم خصوصاً مطلعها وهذه أيضاً في مطلعها أنواع من التشريف له صلى الله عليه وسلم أقول‏:‏ لما ختمت ‏{‏ق‏}‏ بذكر البعث واشتملت على ذكر الجزاء والجنة والنار وغير ذلك من أحوال القيامة افتتح هذه السورة بالإقسام على أن ما توعدون من ذلك لصادق وإن الدين - وهو الجزاء - لواقع ونظير ذلك‏:‏ افتتاح المرسلات بذلك بعد ذكر الوعد والوعيد والجزاء في سورة الإنسان

سورة الطور

أقول‏:‏ وجه وضعها بعد الذاريات‏:‏ تشابههما في المطلع والمقطع فإِن في مطلع كل منهما صفة حال المتقين بقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ المُتَقينَ في جناتٍ‏}‏ وفي مقطع كل منهما صفة حال الكفار بقوله في تلك‏:‏ ‏{‏فويلٌ للَذينَ كفروا‏}‏ وفي هذه‏:‏ ‏{‏فالذينَ كَفَروا‏}‏

سورة النجم

أقول‏:‏ وجه وضعها بعد الطور‏:‏ أنها شديدة المناسبة لها فإن الطور ختمت بقوله‏:‏ ‏{‏وإِدبار النجوم‏}‏ وافتتحت هذه بقوله‏:‏ ‏{‏والنجمِ إِذا هوى‏}‏ ووجه آخر‏:‏ أَن الطور ذكر فيها ذرية المؤمنين وأنهم تبع لآبائهم وهذه فيها ذكر ذرية اليهود في قوله‏:‏ ‏{‏هوَ أَعلم بكم إِذ أَنشأَكم من الأَرض‏}‏ ولما قال هناك في المؤمنين‏:‏ ‏{‏أَلحقنا بهم ذريتهم وما أَلتناهم من عملهم من شيء‏}‏ أي‏:‏ ما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين مع نفعهم بما عمل آباؤهم قال هنا في صفة الكفار أو بني الكفار‏:‏ ‏{‏وأن ليسَ للإِنسان إِلا ما سعى‏}‏ خلاف ما ذكر في المؤمنين الصغار وهذا وجه بين بديع في المناسبة من وادي التضاد

سورة القمر

أقول‏:‏ لا يخفى ما في توالى هاتين السورتين من حسن التناسق في التسمية لما بين النجم والقمر من الملابسة ونظيره توالى الشمس والليل والضحى وقبلها سورة الفجر ووجه آخر وهو‏:‏ أن هذه السورة بعد النجم كالأعراف بعد الأنعام وكالصافات بعد يس في أنها تفصيل لأحوال الأمم المشار إلى إهلاكهم إلى قوله هناك‏:‏ ‏{‏وأَنه أَهلكَ عاداً الأولى وثمود فما أَبقى وقوم نوح من قبل إِنهم كانوا هُم أَظلم وأَطغى والمؤتَفِكة أَهوى‏}‏

سورة الرحمن

أقول‏:‏ لما قال سبحانه وتعالى في آخر القمر‏:‏ ‏{‏بل الساعةِ موعدهم والساعة أَدهى وأَمر‏}‏ ثم وصف حال المجرمين في سقر وحال المتقين في جنات ونهر فصل هذا الإجمال في هذه السورة أتم تفصيل على الترتيب الوارد في الإجمال فبدأ بوصف مرارة الساعة والإشارة إلى إدهائها ثم وصف النار وأهلها والجنة وأهلها ولذا قال فيهم ‏{‏ولِمن خافَ مقام ربهِ جنتان‏}‏ وذلك هو عين التقوى ولم يقل‏:‏ لمن آمن وأطاع أو نحوه لتتوافق الألفاظ في التفصيل والمفصل وعرف بذلك أن هذه السورة بأسرها شرح لآخر السورة التي قبلها فلله الحمد على ما ألهم وفهم

سورة الواقعة

أقول‏:‏ هذه السورة متآخية مع سورة الرحمن في أن كلا منهما في وصف القيامة والجنة والنار وانظر إلى اتصال قوله هنا‏:‏ ‏{‏إِذا وقعت الواقعة‏}‏ بقوله هناك‏:‏ ‏{‏فإِذا انشقت السماء‏}‏ ولهذا اقتصر في الرحمن على ذكر انشقاق السماء وفي الواقعة على ذكر رج الأرض فكأن السورتين لتلازمهما واتحادهما سورة واحدة ولهذا عكس في الترتيب فذكر في أول هذه السورة ما ذكره في آخر تلك وفي آخر هذه ما في فافتتح الرحمن بذكر القرآن ثم ذكر الشمس والقمر ثم ذكر النبات ثم خلق الإنسان والجان من مارج من نار ثم صفة القيامة ثم صفة النار ثم صفة الجنة وابتدأ هذه بذكر القيامة ثم صفة الجنة ثم صفة النار ثم خلق الإنسان ثم النبات ثم الماء ثم النار ثم النجوم ولم يذكرها في الرحمن كما لم يذكر هنا الشمس والقمر ثم ذكر القرآن فكانت هذه السورة كالمقابلة لتلك وكردّ العجز على الصدر سورة الحديد قال بعضهم‏:‏ وجه اتصالها بالواقعة‏:‏ أنها قدمت بذكر التسبيح وتلك ختمت بالأمر به قلت‏:‏ وتمامه‏:‏ أن أول الجديد واقع موقع العلة للأمر به وكأنه قال ‏{‏فسَبِح باسم ربك العظيم‏}‏ لأنه ‏{‏سبح للَهِ ما في السموات والأَرض‏}‏

سورة المجادلة

أقول‏:‏ لما كان في مطلع الحديد ذكر صفاته الجليلة ومنها‏:‏ الظاهر والباطن وقال‏:‏ ‏{‏يعلمُ ما يلجُ في الأَرضِ وما يخرجُ منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كُنتُم‏}‏ افتتح هذه بذكر أنه سمع قوله المجادلة التي شكت إليه صلى الله عليه وسلم ولهذا قالت عائشة رضي الله وذكر بعد ذلك قوله‏:‏ ‏{‏أَلم تر أَن اللَهَ يعلمُ ما في السموات وما في الأَرض ما يكون من نجوى ثلاثة إِلا هو رابعهم‏}‏ وهو تفصيل لقوله‏:‏ ‏{‏وهوَ معكُم أَينما كنتُم‏}‏ وبذلك تعرف الحكمة في الفصل بها بين الحديد والحشر مع تآخيهما في الافتتاح ب ‏{‏سبح‏}‏ سورة الحشر آخر سورة المجادلة نزل فيمن قتل أقرباؤه من الصحابة يوم بدر وأول الحشر نازل في غزوة بني النضير وهي عقبها وذلك نوع من المناسبة والربط وفي آخر تلك‏:‏ ‏{‏كتب اللَه لأَغلبن أَنا ورسُلي‏}‏ وفي أول هذه‏:‏ ‏{‏فأَتاهم اللَهُ مِن حيثُ لم يحتسبوا وقذفَ في قلوبهم الرعب‏}‏ وفي آخر تلك ذكر من حاد اللَه ورسوله وفي أَول هذه ذكر من شاق اللَه ورسوله

سورة الممتحنة

أقول‏:‏ لما كانت سورة الحشر في المعاهدين من أهل الكتاب عقبت بهذه لاشتمالها على ذكر المعاهدين من المشركين لأنها نزلت في صلح الحديبية ولما ذكر في الحشر موالاة المؤمنين بعضهم بعضاً ثم موالاة الذين من أهل الكتاب افتتح هذه السورة بنهي المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء لئلا يشابهوا المنافقين في ذلك وكرر ذلك وبسطه إلى أن ختم به فكانت في غاية الاتصال ولذلك فصل بها بين الحشر والصف مع تآخيهما في الافتتاح ب ‏{‏سبح‏}‏

سورة الصف

أقول‏:‏ في سورة الممتحنة ذكر الجهاد في سبيل الله وبسطه في هذه السورة أبلغ بسط

سورة الجمعة

أقول‏:‏ ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها‏:‏ أنه تعالى لما ذكر في سورة الصف حال موسى مع قومه وأذاهم له ناعياً عليهم ذلك ذكر في هذه السورة حال الرسول صلى الله عليه وسلم وفضل أمته تشريفاً لهم ليظهر فضل ما بين الأمتين ولذا لم يعرض فيها الذكر اليهود وأيضاً لما ذكر هناك قول عيسى‏:‏ ‏{‏ومُبشراً برسول يأَتي من بَعدي اسمُهُ أَحمد‏}‏ قال هنا‏:‏ ‏{‏هوَ الذي بعث في الأُميين رَسولاً منهم‏}‏ إشارة إلى أنه الذي بشر به عيسى وهذا وجه حسن في الربط وأيضاً لما ختم تلك السورة بالأمر بالجهاد وسماه تجارة ختم هذه بالأمر بالجمعة وأخبر أنها وأيضاً‏:‏ فتلك سورة الصف والصفوف تشرع في موضعين‏:‏ القتال والصلاة فناسب تعقيب سورة صف القتال بسورة صلاة تستلزم الصف ضرورة وهي الجمعة لأن الجماعة شرط فيها دون سائر الصلوات فهذه وجوه أربعة فتح الله بها

سورة المنافقون

أقول‏:‏ وجه اتصالها بما قبلها‏:‏ أن سورة الجمعة ذكر فيها المؤمنون وهذه ذكر فيها أضدادهم وهم المنافقون ولهذا أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة يحرض بها المؤمنين وبسورة المنافقين يفزع بها المنافقين وعام المناسبة أن السورة التي بعدها فيها ذكر المشركين والسورة التي قبل الجمعة فيها ذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى والتي قبلها وهي الممتحنة فيها ذكر المعاهدين من المشركين والتي قبلها وهي الحشر فيها ذكر المعاهدين من أهل الكتاب فإنها نزلت في بني النضير حين نبذوا العهد وقوتلوا وبذلك أتضحت المناسبة في ترتيب هذه السور الست هكذا لاشتمالها على أصناف الأمم وفي الفصل بين المسبحات بغيرها لأن إيلاء سورة المعاهدين من أهل الكتاب بسورة المعاهدين من المشركين أنسب من غيره وإيلاء سورة المؤمنين بسورة المنافقين أنسب من غيره فظهر بذلك أن الفصل بين المسبحات التي هي نظائر لحكمة دقيقة من لدن حكيم خبير فلله الحمد على ما فهم وألهم هذا وقد ورد عن ابن عباس في ترتيب النزول‏:‏ أن سورة التغابن نزلت عقب الجمعة وتقدم نزول سورة المنافقون فما فصل بينهما إلا لحكمة والله أعلم

سورة التغابن

أقول‏:‏ لما وقع في آخر سورة المنافقون‏:‏ ‏{‏وأَنفِقوا ممّا رَزقناكُم مِن قبلِ أَن يأَتي أَحدكُم الموت‏}‏ عقب بسورة التغابن لأنه قيل في معناه‏:‏ إن الإنسان يأتي يوم القيامة وقد جمع مالاً ولم يعمل فيه خيراً فأخذه وارثه بسهولة من غير مشقة في جمعه فأنفقه في وجوه الخير فالجامع محاسب معذب مع تعبه في جمعه والوارث منعَّم مثاب مع سهولة وصوله إليه وذلك هو التغابن فارتباطه بآخر السورة المذكورة في غاية الوضوح ولهذا قال هنا‏:‏ ‏{‏وأَنفِقوا خيراً لأَنفُسَكُم ومَن‏}‏ وأيضاً ففي آخر تلك‏:‏ ‏{‏لا تُلهِكُم أَموالِكُم وَلا أَولادكُم عَن ذكرِ اللَهِ‏}‏ وفي هذه‏:‏ ‏{‏إِنَّما أَموالكُم وأَولادكم فتنة‏}‏ وهذه الجمة كالتعليل لتلك الجملة ولذا ذكرت على ترتيبها وقال بعضهم‏:‏ لما كانت سورة المنافقون رأس ثلاث وستين سورة أشير فيها إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله‏:‏ ‏{‏ولَن يؤخِر اللَهُ نفساً إِذا جاءَ أَجَلُها‏}‏ فانه مات على رأس ثلاث وستين سنة وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده صلى الله عليه وسلم

سورة الطلاق

أقول‏:‏ لما وقع في سورة التغابن‏:‏ ‏{‏إِنَّ مِن أَزواجِكُم وأَولادِكُم عدواً لَكُم‏}‏ وكانت عداوة الأزواج تفضي إلى الطلاق وعداوة الأولاد قد تفضي إلى القسوة وترك الإنفاق عليهم عقب ذلك بسورة فيها ذكر أحكام الطلاق والإنفاق على الأولاد والمطلقات بسببهم

سورة التحريم

أقول‏:‏ هذه السورة متآخية مع التي قبلها بالافتتاح بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم وتلك مشتملة على طلاق النساء وهذه على تحريم الإيلاء وبينهما من المناسبة مالا يخفى ولما كانت تلك في خصام نساء الأمة ذكر في هذه خصومة نساء النبي صلى الله عليه وسلم إعظاماً لمنصهن أن يذكرن مع سائر النسوة فأفردن بسورة خاصة ولهذا ختمت بذكر امرأتين في الجنة‏:‏ آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران سورة تبارك أقول‏:‏ ظهر لي بعد الجهد‏:‏ أنه لما ذكر آخر التحريم امرأتي نوح ولوط الكافرتين وامرأة فرعون المؤمنة افتتحت هذه السورة بقوله‏:‏ ‏{‏الَذي خَلقَ الموتُ والحياة‏}‏ مراداً بهما الكفر والإيمان في أحد الأقوال للإشارة إلى أن الجميع بخلقه وقدرته ولهذا كفرت امرأتا نوح ولوط ولم ينفعهما اتصالهما بهذين النبيين الكريمين وآمنت امرأة فرعون ولم يضرها اتصالها بهذا الجبار العنيد لما سبق في كل من القضاء والقدر ووجه آخر وهو أن تبارك متصل بقوله في آخر الطلاق‏:‏ ‏{‏اللَهُ الَذي خَلقَ سبعَ سمواتٍ ومِن الأَرض مثلهن‏}‏ فزاد ذلك بسطاً في هذه الآية‏:‏ ‏{‏الَذي خَلقَ سبعَ سماواتٍ طباقاً ما ترى في خَلقِ الرحمَنِ مِن تفاوت فارجِع البصَر هَل تَرى مِن فطور‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏ولَقد زينّا السماءَ الدُنيا بمصابيح‏}‏ وإنما فصلت بسورة التحريم لأنها كالتتمة لسورة الطلاق

سورة ن

أقول‏:‏ لما ذكر سبحانه في آخر تبارك التهديد بتغوير الماء استظهر عليه في هذه السورة بإذهاب ثمر أصحاب البستان في ليلة بطاف عليه فيها وهم نائمون فأصبحوا لم يجدوا له أثراً حتى ظنوا أنهم ضلوا الطريق وإذا كان هذا في الثمار وهي أجرام كثيفة فالماء الذي هو لطيف رقيق أقرب إلى الإذهاب ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَهُم نائمون فأَصبحت كالصريم‏}‏ وقال هناك‏:‏ ‏{‏إِن أَصبحَ ماؤكُم غوراً‏}‏ إشارة إلى أنه يسرى عليه في ليلة كما سرى على الثمرة في ليلة

سورة الحاقة

أقول‏:‏ لما وقع في ‏{‏ن‏}‏ ذكر يوم القيامة مجملاً في قوله‏:‏ ‏{‏يَومَ يَكشِفُ عن ساق‏}‏ شرح ذلك في هذه السورة بناء على هذا اليوم وشأنه العظيم سورة سأل أقول‏:‏ هذه السورة كالتتمة لسورة الحاقة في بقية وصف يوم القيامة والنار وقال إبن عباس‏:‏ إنها نزلت عقب سورة الحاقة وذلك أيضاً من وجوه المناسبة في الوضع

سورة نوح

أقول‏:‏ أكثر ما ظهر في وجه اتصالها بما قبلها بعد طول الفكر أنه سبحانه لما قال في سأل‏:‏ ‏{‏إِنّا لقادرون على أَن نبدل خيراً مِنهُم‏}‏ عقبه بقصة قوم نوح المشتملة على إبادتهم عن آخرهم بحيث لم يبق منهم ديار وبدل خيراً منهم فوقع الاستدلال لما ختم به تبارك هذا مع تآخي مطلع السورتين في ذكر العذاب الموعد به الكافرين

سورة الجن

أقول‏:‏ قد فكرت مدة في وجه اتصالها بما قبلها فلم يظهر لي سوى أنه قال في سورة نوح‏:‏ ‏{‏استغفروا ربكم إِنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً‏}‏ وقال في هذه السورة‏:‏ ‏{‏وأَن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا‏}‏ وهذا وجه بين في الارتباط

سورة المزمل

أقول‏:‏ لا يخفى وجه اتصال أولها‏:‏ ‏{‏قُم الليل‏}‏ بقوله في آخر تلك‏:‏ ‏{‏وأَنَّهُ لمّا قامَ عبد اللَه يدعوه‏}‏ وبقوله ‏{‏وأَنَّ المساجد لله‏}‏

سورة المدثر

أقول هذه متآخية مع السورة التي قبلها في الافتتاح بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم وصدر كليهما نازل في قصة واحدة وقد ذكر عن ابن عباس في ترتيب نزول السور‏:‏ أن المدثر نزلت عقب المزمل أخرجه ابن الضريس وأخرجه غيره عن جابر بن زيد

سورة القيامة

أقول‏:‏ لما قال سبحانه في آخر المدثر ‏{‏كلا بَل لا يخافونَ الآخِرة‏}‏ بعد ذكر الجنة والنار وكان عدم خوفهم إياها لإنكارهم البعث ذكر في هذه السورة الدليل على البعث ووصف يوم القيامة وأهواله وأحواله ثم ذكر ما قبل ذلك من مبدأ الخلق فذكرت الأحوال في هذه السورة على عكس ما هي في الواقع

سورة الانسان

أقول‏:‏ وجه اتصالها بسورة القيامة في غاية الوضوح فإنه تعالى ذكر في حر تلك مبدأ خلق الإنسان من نطفة ثم ذكر مثل ذلك في مطلع هذه السورة مفتتحاً بخلق آدم أبي البشر ولما ذكر هناك خلقه منهما قال هنا ‏{‏فجَعلَ منهُ الزوجينِ الذكرَ والأُنثى‏}‏ ولما ذكر هناك خلقه منهما قال هنا ‏{‏فجعلناهُ سميعاً بصيراً‏}‏ فعلق به غير ما علق بالأول ثم رتب عليه هداية السبيل وتقسيمه إلى شاكر وكفور ثم أخذ في جزاء كل ووجه آخر هو أنه لما وصف حال يوم القيامة في تلك السورة ولم يصف فيها حال النار والجنة بل ذكرهما على سبيل الإجمال فصلهما في هذه السورة واطنب في وصف الجنة وذلك كله شرح لقوله تعالى هناك ‏{‏وجوهٌ يَومَئذٍ ناضِرة‏}‏ وقوله هنا ‏{‏إِنّا أَعتدنا للكافِرينَ سَلاسِلا وأَغلالا وسَعيراً‏}‏ شرح لقوله هناك ‏{‏تظنُ أَن يُفعل بها فاقرة‏}‏ وقد ذكر هناك ‏{‏كلا بل تحبونَ العاجِلة وتذَرونَ الآخِرة‏}‏ وذكر هنا في هذه السورة ‏{‏إِن هؤلاء يحبون العاجِلة ويَذرونَ وراءهم يوماً ثقيلا‏}‏ وهذا من وجوه المناسبة

سورة المرسلات

أقول‏:‏ وجه اتصالها بما قبلها أنه تعالى لما أخبر في خاتمتها أنه ‏{‏يدخل من يشاء في رحمتهِ والظالمين أَعدَّ لهُم عذاباً أَليماً‏}‏ افتتح هذه بالقسم على أن ما يوعدون واقع فكان ذلك تحقيقاً لما وعد به هناك المؤمنين وأوعد الظالمين ثم ذكر وقته وأشراطه بقوله‏:‏ ‏{‏فإِذا النُجومُ طمست‏}‏ إلى آخره ويحتمل أن تكون الإشارة بما يوعدون إلى جميع ما تضمنته السورة من وعيد للكافرين ووعد للأبرار

سورة عم

أقول‏:‏ وجه اتصالها بما قبلها‏:‏ تناسبها معها في الجمل ففي تلك‏:‏ ‏{‏أَلم نهلك الأَولين ثم نتبعهم الآخرين‏}‏ ‏{‏أَلم نخلقكم مِن ماءٍ مَهين‏} ‏{‏أَلم نجعَل الأَرض كفاتا‏}‏ إلى آخره وفي عم‏:‏ ‏{‏أَلم نجعَل الأَرضَ مِهاداً‏}‏ إلى آخره فذلك نظير تناسب جمل‏:‏ ألم نشرح والضحى بقوله في الضحى‏:‏ ‏{‏أَلَم يجِدكَ يَتيماً فآوى‏}‏ إلى آخره وقوله‏:‏ ‏{‏أَلم نشرح لكَ صدرك‏}‏ مع اشتراك هذه السورة والأربع قبلها في الاشتمال على وصف الجنة والنار ما عدا المدثر في الاشتمال على وصف يوم القيامة وأهواله وعلى ذكر بدء الخلق وإقامة الدليل على البعث وأيضاً في سورة المرسلات‏:‏ ‏{‏لأي يوم أُجلت ليوم الفصل وما أدراكَ ما يوم الفصل‏}‏ وفي هذه السورة‏:‏ ‏{‏إِن يوم الفصل كان ميقاتا يوم يُنفخ في الصور فتأَتون أَفواجاً‏}‏ إِلى آخره فكأن هذه السورة شرح يوم الفصل المجمل ذكره في السورة التي قبلها

سورة عبس

أقول‏:‏ وجه وضعها عقب النازعات مع تآخيهما في المقطع لقوله هناك‏:‏ ‏{‏فإِذا جاءتِ الطامة‏}‏ وقوله هنا‏:‏ ‏{‏فإِذا جاءت الصاخة‏}‏ وهما من أسماء يوم القيامة

سورة التكوير

أقول‏:‏ لما ذكر في عبس‏:‏ ‏{‏فإِذا جاءت الصاخة يومَ يفِرُ المرءُ مِن أَخيه‏}‏ ذكر يوم القيامة كأنه رأى عين وفي الحديث‏:‏ ‏(‏من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى عين فليقرأ‏:‏ ‏{‏إِذا الشمسُ كُوِرت‏}‏ و ‏{‏إِذا السماءُ انفطرت‏}‏ و ‏{‏إِذا السماءُ انشَقَت‏}‏‏)‏‏.‏

سورة الانفطار

أقول‏:‏ قد عرف مما ذكرت وجه وضعها هنا مع زيادة تآخيهما في المقطع

سورة المطففين

أقول‏:‏ الفصل بهذه السورة بين الانفطار والانشقاق التي هي نظيرتها من خمسة أوجه‏:‏ الافتتاح ب ‏{‏إِذا السماءُ‏}‏ والتخلص ب ‏{‏يا أَيُها الإِنسانُ‏}‏ وشرح حال يوم القيامة ولهذا ضمت بالحديث السابقن والتناسب في المقدار وكونها مكية وهذه السورة مدنية ومفتتحها ومخلصها غير مالها لنكتة ألهمنيها الله وذلك أن السور الأربع لما كانت في صفة حال يوم القيامة ذكرت على ترتيب ما يقع فيه فغالب ما وقع في التكوير وجميع ما وقع في الانفطار وقع في صدر يوم القيامة ثم بعد ذلك يكون الموقف الطويل ومقاساة العرق والأهوال فذكره في هذه السورة بقوله‏:‏ ‏{‏يومَ يقومُ النّاسُ لِربِ العالمين‏}‏ ولهذا ورد في الحديث‏:‏ ‏{‏يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه‏}‏ ثم بعد ذلك تحصل الشفاعة العظمى فتنشر الكتب فأخذ باليمن وأخذ بالشمال وأخذ من وراء الظهر ثم بعد ذلك يقع الحساب هكذا وردت بهذا الترتيب الأحاديث فناسب تأخير سورة الانشقاق التي فيها إتيان الكتب والحساب عن السورة التي قبلها والتي فيها ذكر الموقف عن التي فيها مبادئ يوم القيامة ووجه آخر وهو‏:‏ أنه جل جلاله لما قال في الانفطار‏:‏ ‏{‏وإِنَّ عليكُم لحافظين كِراماً كاتبين‏}‏ وذلك في الدنيا ذكر في هذه السورة حال ما يكتبه الحافظان وهو‏:‏ كتاب مرقوم جعل في عليين أو في سجين وذلك أيضاً في الدنيا لكنه عقَّب بالكتابه إِما في يومه أو بعد الموت في البرزخ كما في الآثار فهذه حالة ثانية في الكتاب ذكرت في السورة الثانية وله حالة ثالثة متأخرة فيها وهي أخذ صاحبه باليمين أو غيرها وذلك يوم القيامة فناسب تأخير السورة التي فيها ذلك عن السورة التي فيها الحالة الثانية وهي الانشقاق فلله الحمد على ما من بالفهم لأسرار كتابه ثم رأيت الإمام فخر الدين قال في سورة المطففين أيضاً‏:‏ اتصال أولها بآخر ما قبلها ظاهر لأنه تعالى بين هناك أن يوم القيامة من صفته‏:‏ ‏{‏لا تملِكُ نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأَمرُ يومئذٍ لِلَه‏}‏ وذلك يقتضى تهديداً عظيماً للعصاة فلهذا أتبعه بقوله‏:‏ ‏{‏ويلُ للمُطَفِفين‏}‏

سورة الانشقاق

قد استوفى الكلام فيها في سورة المطففين سورة البروج والطارق أقول‏:‏ هما متآخيتان فقرنتا وقدمت الأولى لطولها وذكرا بعد الانشقاق للمؤاخاة في الافتتاح بذكر السماء ولهذا ورد في الحديث ذكر السموات مراداً بها السور الأربع كما قيل‏:‏ المسبحات

سورة الأعلى

أقول‏:‏ في سورة الطارق ذكر خلق النبات والإنسان في قوله‏:‏ ‏{‏والأَرض ذات الصدع‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فلينظُرُ الإِنسانُ مِمَّ خُلِق‏}‏ إلى ‏{‏إِنَّهُ عَلى رجعهِ لقادر‏}‏ وذكره في هذه السورة في قوله‏:‏ ‏{‏خَلقَ فسوى‏}‏ وقوله في النبات‏:‏ ‏{‏والَذي أَخرج المَرعى فجعَلهُ غُثاءً أَحوى‏}‏ وقصة النبات في هذه السورة أبسط كما أن قصة الإنسان هناك أبسط نعم ما في هذه السورة أعم من جهة شموله للإنسان وسائر المخلوقات

سورة الغاشية

أقول‏:‏ لما أشار سبحانه في سورة الأعلى بقوله‏:‏ ‏{‏سَيَذكَّرُ مَن يَخشى ويَتَجنَبُها الأَشقى الذي يَصلى النارَ الكُبرى‏}‏ إِلى قوله‏:‏ ‏{‏والآخرةُ خيرٌ وأَبقى‏}‏ إلى المؤمن والكافر والنار والجنة إجمالا فصل ذلك في هذه السورة فبسط صفة النار والجنة مستندة إلى أهل كل منهما على نمط ما هنالك ولذا قال هنا‏:‏ ‏{‏عامِلةٌ ناصِبة‏}‏ في مقابل‏:‏ ‏{‏الأَشقى‏}‏ هناك وقال هنا ‏{‏تَصلى ناراً حامية‏}‏ إلى‏:‏ ‏{‏لا يُسمِنُ ولا يُغني مِن جوع‏}‏ في مقابلة‏:‏ ‏{‏يَصلى النارَ الكُبرى‏}‏ هناك ولما قال هناك في الآخرة‏:‏ ‏{‏خيرٌ وأَبقى‏}‏ بسط هنا صفة الجنة أكثر من صفة النار تحقيقاً لمعنى الخيرية

سورة الفجر

أقول‏:‏ لم يظهر لي من وجه ارتباطها سوى أن أولها كالإقسام على صحة ما ختم به السورة التي قبلها من قوله جل جلاله‏:‏ ‏{‏إِنَّ إِلينا إِيابَهُم ثُمَ إِنَّ عَلينا حِسابَهُم‏}‏ وعلى ما تضمنه من الوعد والوعيد كما أن أول الذاريات قسم على تحقيق ما في ‏{‏ق‏}‏ وأول المرسلات قسم على تحقيق ما في ‏{‏عم‏}‏ هذا مع أن جملة ‏{‏أَلَم تَرى كيفَ فَعَلَ رَبُكَ‏}‏ هنا مشابهة لجملة ‏{‏أَفلا ينظرون‏}‏ هناك

سورة البلد

أقول‏:‏ وجه اتصالها بما قبلها أنه لما ذم فيها من أحب المال وأكثر التراث ولم يحض على طعام المسكين ذكر في هذه السورة الخصال التي تطلب من صاحب المال من فك الرقبة والإطعام في يوم ذي مسغبة سورة الشمس والليل والضحى أقول‏:‏ هذه الثلاثة حسنة التناسق جداً لما في مطالعها من المناسبة لما بين الشمس والليل والضحى من الملابسة ومنها سورة الفجر لكن فصلت بسورة البلد لنكتة أهم كما فصل بين الانفطار والانشقاق وبين المسبحات لأن مراعاة التناسب بالأسماء والفواتح وترتيب النزول إنما يكون حيث لا يعارضها ما هو أقوى وآكد في المناسبة ثم إن سورة الشمس ظاهرة الاتصال بسورة البلد فإنه سبحانه لما ختمها بذكر أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة أراد الفريقين في سورة الشمس على سبيل الفذلكة فقوله في الشمس ‏{‏قَد أَفلحَ مَن زكاها‏}‏ هم أصحاب الميمنة في سورة البلد وقوله‏:‏ ‏{‏وقد خابَ من دساها‏}‏ في الشمس هم أصحاب المشأمة في سورة البلد فكانت هذه السورة فذلكة تفصيل تلك السورة‏:‏ ولهذا قال الإمام‏:‏ المقصود من هذه السورة الترغيب في الطاعات والتحذير من المعاصي ونزيد في سورة الليل‏:‏ أنها تفصيل إجمال سورة الشمس فقوله ‏{‏فأَمّا مَن أَعطى واتقى‏}‏ وما بعدها تفصيل ‏{‏قَد أَفلحَ مَن زكاها‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وأَما مَن بَخِلَ واستغنى‏}‏ تفصيل قوله ‏{‏وقَد خابَ مَن دساها‏}‏ ونزيد في سورة الضحى‏:‏ أنها متصلة بسورة الليل من وجهين فإن فيها ‏{‏وإِنَّ لنا للآخرةُ والأُولى‏}‏ وفي الضحى‏:‏ ‏{‏وللآخرةُ خيرٌ لكَ مِنَ الأُولى‏}‏ وفي الليل ‏{‏ولسوفَ يَرضى‏}‏ وفي الضحى ‏{‏ولسوفَ يُعطيكَ ربُكَ فترضى‏}‏ ولما كانت سورة الضحى نازلة في شأنه صلى الله عليه وسلم افتتحت بالضحى الذي هو نور ولما كانت


يتبع