رد: الادب المقارن ...
وقد جرت الإِشارة في ثنايا البحث
إِلى أعلام الأدب المقارن البارزين
وإِلى أبرز المؤسسات والمنظمات والمجلات
التي تُعنى به وتضع نفسها في خدمة مجالاته
وإِذا انتقل الدارس إِلى الأدب العربي
وجد أن الأدب المقارن حقل معرفي فتي
لا تكاد تبين له أصول في التراث الأدبي القديم
ذلك أنه كان لدى العرب
في الماضي اعتداد خاص باللغة والشعر
وإِشاحة نسبية عن آداب الأمم الأخرى
مما أدّى إِلى أن يكون نشاطهم
في حقل التبادل الأدبي أقل من نشاطهم
في الحقول المعرفية الأخرى كالعلوم والفلسفة
على أن غير العرب تأثروا تأثراً واضحاً بالأدب العربي
فدرسوه وألّفوا على غراره
وفي عصرنا الحاضر ما زال هذا التيار
من الاعتداد بالأدب واللغة فاعلاً بحيث
يخلق رأياً عاماً لا يستريح إِلى المقارنات
مع الآداب الأخرى ويجهد في تأكيد الأصول العربية
للفنون الأدبية الوافدة كالقصة والمسرح
ومن الملاحظ أن معظم الأدباء البارزين في عصر النهضة
كانوا أكثر انفتاحاً في مجال التفاعلات الأدبية
ووضعوا أساساً لنهضة الأدب المقارن في عصرنا
وكان لرواد النهضة الأدبية في الشام
أثر كبير في الاستنارة الأدبية وهكذا لمعت
إِلى جانب بناة النهضة من أبناء الكنانة
مثل رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك والشيخ حسن المرصفي
أسماء شامية مبكرة في مجال المقارنة
مثل أديب إِسحاق وأحمد فارس الشدياق ونجيب الحداد
وتميز من بينهم علمان بارزان
هما سليمان البستاني وروحي الخالدي وضعا حجر الأساس
للبحث التطبيقي في الأدب المقارن على الرغم
من أنهما لم يشيرا إِلى المصطلح بكلمة واحدة.
وتتلخص جهود البستاني في هذا الحقل بتعريب
«الإِلياذة»
الذي استغرق منه ثماني سنوات
(1887-1895)
وبمقدمتها المقارنية التي استغرقت منه ثماني سنوات أخرى
وقد أنجز شروح الإِلياذة
ومقدماتها في 200 صفحة أواخر سنة 1903
وأجرى البستاني مقارنات جريئة
بين الملحمة اليونانية والشعر القصصي العربي
وأكد وجود ملاحم عربية قصيرة
تختلف عن الملاحم الإِفرنجية الطويلة
وانطلق من هذه المقارنة للتوصل إِلى أحكام شاملة
تتعلق بالشعر الجاهلي والشعر اليوناني القديم
وحكم لصالح الشعر الجاهلي
وأشار بعد ذلك إِلى التشابه بين عبقرية ابن الرومي
وعبقرية هوميروس وكذلك كتب البستاني مقالاً حوى شيئاً
من تاريخ الشعر عند العرب والإِفرنج
وهكذا يكون البستاني صاحب سبق
لا ينكر في مجال الدراسة المقارنة
وإِن كانت مقارناته تدل على
أن ثقافته الأصلية كانت عربية تقليدية
وأن ما قرأه من أفكار أدبية غربية
ليس أكثر من نوافذ صغيرة للمقارنة
وعند منعطف القرن التاسع عشر
على أية حال ساد مناخ عام للمقارنة
أسهم فيه الشاعر أحمد شوقي
وكتاب مثل خليل ثابت وأسعد داغر
ونقولا فياض ويعقوب صروف
وحملت مجلة «المقتطف
آنذاك رسالة الوعي المتفتح
نكمل بكره
ان شاء الله
تحيتى
|