عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 8/11/2021, 03:17 AM
الصورة الرمزية محمود الاسكندرانى
 
محمود الاسكندرانى
كبير مشرفين المنتدى الاسلامى والبيت العائلى

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  محمود الاسكندرانى غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 105086
تاريخ التسجيل : Jun 2008
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة :
المشاركـات : 2,416 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 271
قوة التـرشيـح : محمود الاسكندرانى يسعي للتميزمحمود الاسكندرانى يسعي للتميزمحمود الاسكندرانى يسعي للتميز
new عودة صادقة إلى رحاب الصدق





ما أمس حاجتنا إلى عودة صادقة إلى رحاب الصدق! وتزوُّدٍ من مَعِينه، وتطيُّب بطِيبه، وتزين بجماله، خصوصاً في زمن كثر فيه الكذب، وتلاشى الصدق، وامتهن الخداع، وساد المكر، وطغت المراوغة، واستسيغ الغش، وأرعد النفاق، وأزبد الباطل، حتى أصبح الصدق وأهله كالنجوم القليلة في الليل الحالك، والمصابيح الصغيرة في الظلام الدامس.
وإن للباطل انتفاشا، وللكذب بريقا، وللخداع صولات، ولكنه سرعان ما يتلاشى، ولا يلبث أن يتهدم، ولا يبقى إلا الصدق، ولا يسود إلا الحق: (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء:81].

لقد أصبح الصدق معدِنَاً نادراً، وخلقاً غريباً، أهله قلة، وأربابه معدودون، والجولة في هذا الزمن جولة الكذب وأهله، والزيف وحملته، والباطل ومروجيه، كَذِبٌ على شتى المستويات، وجميع الطبقات، بل أصبح للكذب الآن منظمات دولية، ومحافل شيطانية، تبني سياساتها على أساسه، وتنطلق في رؤيتها من أبوابه.

إن هنالك دولاً أصبحت الآن تقيم سياساتها على الكذب، وتجني هيمنتها على البهتان، وتخادع العالم بالباطل، لقد كذبوا حتى استحيا الكذب منهم؛ وهكذا سرت عدوى الكذب في هذا الزمان إلى كل شيء.
وإن تعامل الناس اليوم مع ربهم أو فيما بينهم قل أن تشم فيه ريح الصدق، أو تجد عبير الحق، ولذلك محقت بركة الأخلاق والأرزاق والأذواق؛ لأن الصدق هو مِلح كل شيء ونكهته، إنه أساس الرفعة في الدنيا، والنجاة في الآخرة: (قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [المائدة:119].

إن الصدق يكون مع الله ومع النفس ومع الآخرين؛ الصدق مع الله في عبادته، في تحمل أمانته، في اتباع أوامره واجتناب نواهيه، في الدعوة إليه، (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) [محمد:21]، (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب:23-24]. قال أحد السلف: لأن أبيت ليلة أعامل الله بالصدق أحب إلي من أن أضرب بسيفي في سبيل الله. وقال آخر: مَن طلب الله بصدق أعطاه مرآة يبصر فيها الحق والباطل.
الصدق مع النفس بعدم خداعها وإهمال شأنها وترك محاسبتها، كم من الناس من يعرف أنه كاذب مع نفسه ومع ذلك يمضي على غيه، ويغرق في كذبه! ولو أنه وقف مع نفسه وقفة محاسبة صادقة، فعرفها قدرها، وأمسك زمامها، لكان خيرا له وأشد تثبيتا. قال أحد السلف: الصادق لا تراه إلى في فرض يؤديه، أو فضل يعمل فيه.

الصدق مع الناس؛ وهذا ما تحزن له القلوب، وتذرف له الدموع، وتتمزق له النفوس أن ترى المسلمين فيما بينهم يقل مَن يصدق منهم مع إخوانه، بل يتفنن كثير منهم في خداع الآخرين، والكذب على المؤمنين؛ كذب في الوعـود، كذب في العهود، كذب في العقود، كذب في المسؤوليات، كذب في المبايعات، كذب في الأمانات، كذب في الحديث، كذب في العلاقات.

اللهم بارِكْ لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.


توقيع » محمود الاسكندرانى

 

مواضيعيردودي
 
من مواضيعي في المنتدي

رد مع اقتباس