رد: الأدب العربي في العصر الجاهلي
الفخر
وهذا فن شعري تربطه بالمدح صلات وشيجة
فالمعاني التي تتردد في المدح
هي نفسها مما يتغنى به الشعراء مفتخرين
ذلك أن الحياة العربية في العصر الجاهلي
قامت على مواجهة المخاطر
والمزاحمة على الماء والكلأ
والشجاعة في القتال
وما يتصل من ذلك كله بسبب
كالتغني بالبطولات وشن الغارات
وتمجيد الانتصارات
وكثرة العدد والعدة، ومنازلة الأقران
ونجدة الصريخ والحفاظ على الشرف والجار
وهذه الأمور جميعاً أذكت قرائح الشعراء
ووفرت لهم أسباب التفاخر والتباهي
منفردين ومجتمعين
فانطلقت ألسنتهم بأشعار زاخرة بالعاطفة القوية
والانفعال العميق
تبرز فيها الحقائق التاريخية
مجلببة بجلباب الخيال والمغالاة
وهذا الفخر يكون قبلياً تارة
تسيطر عليه روح حماسية جارفة
وهذا شأنه دائماً
في مواطن الكر والفر والأخذ بالثأر
وتضييق الخناق على الأعداء
واستطابة الموت عند الحرب
إذ ينطوي شعر الفخر
على دفقات قوية من الحماسة
ويكون من ذلك مزيج متلازم
ومن خير ما يمثل هذا الفخر القبلي الحماسي
معلقة عمر بن كلثوم التغلبي
التي سجل فيها انتصارات قبيلته، ومنعتها
وما يتحلى به أفرادها من شجاعة وإقدام
وسطوة وهيبة وأنفة وإباء
وهذه الحماسة المزهوة
لا تحول دون إنصاف الشاعر لأعدائه
والإقرار بقوتهم وشجاعتهم
وعرفت في الشعر الجاهلي
قصائد من هذا القبيل سميت
«المنصفات»
ومن أصحابها
العباس ابن مرداس
وعوف بن الأحوص وخداش بن زهير
ويكون الفخر تارة أخرى ذاتياً
ينبعث من نفوس تهوى العزة والمجد
وتحرص على بناء المكارم
والتباهي بمآثرها الفردية
ويبدو هذا الفخر الذاتي
لدى طائفة من الشعراء الفرسان والأجواد كعنترة
وحاتم الطائي وعمرو بن الإطنابة
والشعراء الصعاليك كالشنفرى وتأبط شراً
وهنا يحلو للشاعر أن يتحدث عن نفسه وخصاله
وعراقة أصله وطيب منبته
ومايتحلى به من كرم ومروءة وحماية للجار
وغير ذلك من الفضائل الخلقية
وفي معلقات طرفة بن العبد
ولبيد بن ربيعة وعنترة بن شداد
صور كثيرة من هذا الفخر الفردي
تتلاقى على صعيد واحد
وقد وشحها أولئك الشعراء
بذكر القصف واللهو والفخر بشرب الخمرة
في معرض الحديث عن الكرم والإكرام
نكمل بكره
ان شاء الله
تحيتى
|