وردت عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها إشارة إلى خلافة أبي بكر رضي الله عنه من بعده صلى الله عليه وسلم، وخلافة عمر رضي الله عنه من بعد أبي بكر رضي الله عنه، وأحقيتهما بالخلافة من بعده صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه الأحاديث ليس فيها تصريح باستخلافه -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر من بعده، بل إن عدم استخلافه -صلى الله عليه وسلم- لخليفة من بعده أمر ثابت.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم".
الأحاديث الصحيحة في خلافة عمر
حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: من رأى منكم رؤيا؟ فقال رجل: "أنا رأيت كأن ميزانا نزل من السماء، فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ووزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان"، فرأينا الكراهة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أهل العلم: قوله في الحديث: فرأينا الكراهة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لما علم صلى الله عليه وسلم من أن تأويل رفع الميزان انحطاط رتبة الأمور، وظهور الفتن بعد خلافة عمر رضي الله عنه، ومعنى رجحان كل من الآخران الراجح أفضل من المرجوح.
وذكر ابن العربي رحمه الله هذا الأثر والذي قبله في الاستدلال على إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لخلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: إني لشاهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلقة، وفي يده حصى، فسبحن في يده، وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فسمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فسبحن مع أبي بكر، سمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسبحن في يده، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر فسبحن في يده سمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان بن عفان فسبحن في يده، ثم دفعهن إلينا فلم يسبحن مع أحد منا.
وقد استدل ابن أبي عاصم في السنة بهذا الأثر على خلافة الخلفاء الراشدين المهديين.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الخلافة ثلاثون عامًا، ثم يكون بعد ذلك الملك". فالثلاثون سنة هي خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب والحسن بن علي رضي الله عنهم.
قال ابن كثير رحمه الله: "وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي، فإنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين، وذلك كمال ثلاثين من موت النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه توفي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول سنة أحدى عشرة من الهجرة. وهذا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليمًا" [5].
ما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت مستخلفًا، لاستخلفت أبا بكر أو عمر".
الأحاديث الضعيفة في خلافة عمر
رويت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها تصريح باستخلافه صلى الله عليه وسلم أبا بكر من بعده وعمر من بعد أبي بكر، وهي غير ثابتة، بل الثابت والصحيح أنه صلى الله عليه وسلم لم يستخلف خليفة من بعده.
ومن تلك الأحاديث الضعيفة ما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسس مسجد قباء جاء بحجر فوضعه، وجاء أبو بكر بحجر فوضعه، وجاء عمر بحجر فوضعه، وجاء عثمان بحجر فوضعه، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "هذا أمر الخلافة من بعدي".
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها: "أبشرك ببشارة، فإن أباك يلي من بعد أبي بكر إذا أنا مت".
ومن ذلك ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: لم يقبض النبي صلى الله عليه وسلم حتى أسر إلىَّ أن الخليفة من بعده أبو بكر، ومن بعد أبي بكر عمر، ومن بعد عمر عثمان ... الحديث .
وروي أن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الخليفة فيكم بعدي أبو بكر ثم عمر".