عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 1/8/2009, 01:40 PM
الصورة الرمزية Mr.Mostafa
 
Mr.Mostafa
استاذ فضائيات

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mr.Mostafa غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 91494
تاريخ التسجيل : Mar 2008
العمـر : 43
الـجنـس :
الدولـة : MoHaNdSeN.CoM
المشاركـات : 9,537 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 10
قوة التـرشيـح : Mr.Mostafa يستاهل التميز
افتراضي الأوراق القديمة

حملتُ قلمي وأوراقي، وجلستُ معه حول الطاولة الدائرية، وأنا أوقنُ من أول الوهن، وارتعاش أصابعي، أني لن أكتب شيئاً ذا قيمة..

((.. وبعد ذلك نعمل على إنشاء الهيكل الإداري، وتعريف النظام وفق الوثائق المتوفرة، وملخصات الاجتماع الأخير، ......))

رسمتُ خطوطاً ترمز للهيكل، وكتبتُ "وثائق"، و "ملخصات"،.. وقلبتُ الورقة.

وجهي كان منفعلاً.. تتماسكُ ملامحه بصعوبةٍ أمامه، وكلماته الدقيقة التي تتحول كل منها إلى مهمة عليَّ إنجازها قبل انتهاء الدوام كانت تضيع في متاهة أعصابي المنهارة، أنا الذي تعودتُ أن ألتقط كل تعليماته بتركيز، وأدونها في مساحةٍ عقليةٍ بيضاء، وأسعى لتنفيذها بحذافيرها.. لعل راتبي يزيد!.

هاهو يسكت قبل أن يتم عبارته طالباً مني إكمالها برهاناً للمتابعة، فلا يستقبل مني إلا الصمت الذي ألوكه في فمي بمرارة!.

- ما بك يا ولدي؟

- لا شيء.. سرحت قليلاً

انتبهتُ أن صوتي خرج واهناً!، وكأنه عبر مفازاتٍ من القلق قبل أن يصل إلى شفتيّ، حاولتُ تبريره بنحنحةٍ قصيرة، واعتدلتُ في جلستي لأحثه على تجاوز ذهولي، ومتابعة الحديث..

(( تقارير البيانات الأولية يجب أن تصدر أولاً، وأرجو أن تكون جاهزة خلال يومين على الأكثر..))

يومان منذ غاب صوتكِ عن هاتفي!، وبدأ خصامنا الصامت يكرِّس كبريائين متعاكسين في حب حائر، ربما كانت نبرتكِ أبرد مما تحتمل عظام كرامتي، وربما كان جبيني الموجوع بالحمى يشتتني تماماً، ويصبغ نبرتي بلا مبالاةٍ أحنقتكِ!.

أنغرس القلم في صدر الورقة ببطء، وبدأ يتسرب خارج الاجتماع..

لأن كرامتي هذه تتحول إلى كيسٍ مثخنٍ بالثقوب منذ أن تعلمتُ الحب.. كان يجب ألا أعيد أنا الاتصال بكِ، قلتُ لنفسي في غضب تلك الليلة: كفى ابتلاعاً للإهانات أيها الرجل البالوعة، حاول أن تبتلع حنظلة الصبر هذه المرة.. من أجل رجولتك.. ماهيتك في الحياة!.

"رجولتك"، "ماهيتك في الحياة"، ......

وجاء اتصالكِ هذا الصباح، بدا رنين الهاتف المبحوح غريباً مثل طائر مهاجر بلغ البلد لتوه، تأملتُ رقمكِ بقلق، والتفتُّ إلى كبريائي.. أسأله المشورة..

وافق بعد نبضتين.. وأومأ لي بموافقته، فجررتُ نفساً صعباً إلى صدري، ورددت..

- أهلاً.. حبيبتي !!.

واندفع صوتكِ مثل تيار كهرباء مجنون..

- أكرهك.. أخرج من حياتي أيها الأناني التافه.. غب شهراً شهرين.. أو لا تعد أبداً، أنت لا تهمني..

- .....................

- تافه !

- حبيبتي !!

وانسحب نشيجك الأخير في أذني مثل كمانٍ مكسور، قبل أن تقطعه نغمة الهاتف الرتيبة..

"تافه"، تـــافـــه"، ....

التفتُّ مصروعاً بالذهول، مصفوعاً بحقيقة التفاهة التي تلبسني الآن!، يميناً ويساراً، وغاب صوتكِ مرةً أخرى، وانزوى كبريائي في ركنٍ بعيدٍ متجنباً التقاء أعيننا، وأعلن المراسل بداية الاجتماع الصباحي..

من أمامي.. راحت كل الأشياء تأخذ شكلاً بلورياً وكأنما أنظر إليها من خلال قطعة زجاج مهشمة، مرت لحظاتٍ ملوثة بالسواد قبل أن أستوعب أن في جفني دمعة!.

لماذا دائماً.. نفس الكلمات!.

لماذا دائماً أجد نفسي في سلة القمامة.. في آخر كل قصة حب!

((.. بعد أن تنتهي من تفريغ البيانات في القوائم، تخلص من الأوراق القديمة عديمة الفائدة.. مفهوم!!))

"تنتهي"، "عديمة الفائدة"،....

- هل سجلت كل الملاحظات؟

- نعم طال عمرك، سجلتها..

وطويت ورقتي على ما فيها.. وقمت، وفي البيت.. قرأتها مرتين، ثم كتبتُ في أعلاها بخط عريض ((الأوراق القديمة))!.

بالفعل.. لم أكتب شيئاً ذا قيمة!

محمد حسن علوان
رد مع اقتباس