المهندسين العرب

المهندسين العرب (http://www.mohandsen.net/vb/index.php)
-   قسم علوم القرآن (http://www.mohandsen.net/vb/forumdisplay.php?f=312)
-   -   خواطر حول سورة الكهف ــ 3 (http://www.mohandsen.net/vb/showthread.php?t=728360)

2hossain 21/3/2016 09:02 AM

خواطر حول سورة الكهف ــ 3
 
أعـوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعـين... وبعـد :
فما زلنا فى صحبة القرآن الكريم، فى روضة من رياض السور وآيات الذكر الحكيم ،نتدبرالمعانى والكلمات الربانية النورانية التى تشع فى كل سطر من السطور نورا يكشف لنا من الحجب
ما خفى عـنا ..فعـظـمة كلمات الله.. أكبرمن أن يكشف عنها نقاب أو يـصل إلى عـظمـتها أولوا الألباب .. أسأل الله العـليم وهـو بكل شيء عليـم، أن يفتـح علىّ من عـلمه المكـنون .. فما اريـد
جـزاءً ولا شـكوراً إلا طاعـة لأمـر الله.. ( كتاب أنزلـناه إليك مبارك ليدبـروا آياتـه وليتذكـر أولـوا الألـباب ) صدق الله العـظـيم
( وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعـبا ) ــــ 18
تدبر الآية رقم 17 السابقة لهذه الآية ،تجـد ان لها دلالـة وهى أن الفتية بعـد أن لجئوا إلى الكهف ودَعـُوا الله أن يـهيء لـهم سبل معيشتهم، أعـفاهم الله من هـذه المهمة.. مهمة البحث عن الطعام
والشراب والقلق الذى يساورهم من ان يُكشف أمرهـم أمام القوم الكافرين، فيعـيدوهم فى ملتـهم ولن يفلحـوا إذاً أبدا ..ولكن بـعـدا للقوم الكافرين.... كيف هـذا ؟ أرسل الله عليهم النـوم أمنة نعاسا
داخل الكهف وهم على حالـهم وهـذه آية من آيات الله، وهو من فعـل الله وحـده، كما أن الله سبحانه وتعالى أراد منا الفهـم والتدبر فى هـذه الآية لأن الكهف وحـده آية من آيات الله، فالله تعالى
أخـبرنا أن الشمس إذا طلعـت تميل عن الكهف ذات اليمين، حتى لا تأتى أشعة الشمس وضوئها فتوقـظهم أو تضر أجسادهم، وإذا غربت لا يدخل من أشعة الشمس إلا القليل وتكون بعـيدة عـن
أجسادهم.. فمن المعلـوم أن أشعة الشمس تقل كلما ارتفعـت فى الأفـق حتى لا يبقى منها شيء عـند الزوال ولك أن تتخيل هـذا فى موضع الكهف...
( وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال ) أى تتركـهم..فلو كان مدخل الكهف من ناحية الشرق لما دخل شيء من أشعـتها عند الغروب والعكس صحيح لو كان من ناحية الغـرب لا يدخل إليه شيء عند
طلوعها بل قرب إنتهاء الزوال ..ولوكان جنوباً لما دخل منها شيء عند الطلوع ولا عند الغروب إذن جـهة الشمال هى الجهـة الوحيـدة التى تميل فيها الشمس لمدخل الكهف ذات اليمين وإذا غربت
تقرضـهم ذات الشمال ..فالله وحـده هـوالذى أرشد هؤلاء الفتية المؤمنون لمكان الكهف ليلجئوا إليه ليقول لنا ( ذلك من آيات الله ).... ولم يتـغـير حالهم ولم يتـغير لونـهم ولم تبلى ثيابهم لأن الله
تعالى قال وهـو أصدق القائلين ( وكذلك بعـثـنـاهم ... ) فما دام هـو القائل إذن ( لا مبدل لكلمات الله ) وكما أمرنا الله بالتدبر... تدبر الأفعـال ( فضربنا ـــ ثـم بعـثـناهم ـــ وزدناهـم ـــ وربطـنا )
تـجد إنتهاء الآية العاشرة بدعاء من الفتية ( ربنا ءَاتنا من لدنك رحمة وهيىء لنا من أمرنا رشدا ) فجاء الفعـل من الله تـعـقيبا على دعائـهم ( فضربنا على آذانهم فى الكهف سنين عددا ) وهى الآية
الحادية عشر فحرف الفاء هـنا ترتيب للأحداث مع التعـقيب بلا مهـلة، فالله وضع كل حرف فى القرآن الكريـم ولـه معـنى.. فجاءت الآية الثانية عشر مبتدئة ( ثـم بعـثـناهم ...... ) فحرف العـطـف
( ثـم ).. هنا يفـيد الترتيب مع التراخى أى مهـلة متراخية واستـئنافا للأحداث الإلهيـة مع هـؤلاء الفتية جاءت ( وزدناهـم ـــ وربطـنا ) ثـم الفعـل ( ونقلبـهم ) ) تجـد أن هذه الأحداث من فعـل الله وحـده
إذن هؤلاء الفتية داخل الكهف نائمون بفعـل الله، ومن الطبيعى أن النائم عـيناه مقفولتان ولكن يخبرنا الله بأنهم ( وتحسبهم أيقاظا وهم رقـود ) أى أنهم نائمون ولكن أعينهم مفـتوحة لأن اليقـظة
عـكس الـنوم، وأراد الله أن يحفظ نومتهم بأن ضرب على آذانهم وكان هذا كافيا ليفصل بينهم وبين كل أصوات الدنيا مهما عـظمت وطوال فترة نومهم، وهنا يلفـتـنا الحـق تبارك وتعالى أن الذى يقطـع
سكون الليل بالضوضاء المزعـج المتعـمد إنما يرتكب ذنبا ويظلم نفسه ويؤذى غـيره، فلولا نـوم اللـيل لما استطاع الإنسان أن يسعى ويتكسب ويعـمل بالنهار وهـذا كهف معـنوى داخـل كهف حقيقى، مصداقا
لقولـه تعالى ( هـو الذى جعـل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ) 67 ـــ سورة يونس.. ولكن لماذا قال الله تبارك وتعالى " ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال " ؟ إن تدبرت هـذا الكـلام تجـد
أنهـا قاعـدة طبية لا أحد ينكرها من أطباء العالم أجمع على إختلاف عـقائدهم، وهى أن الرقاد الطويل يجب أن يتم معـه تقليب الإنسان الراقـد وبحيث لا ينام على جزء واحد من جسمه حتى لا يصاب
الجسد بقـروح وإنسداد فى الشرايين وما يتبعه من أضرار بالغـة، اليست هـذه حقيقة وكهف معـنـوى ؟ ومن هـنا تجد أن الله سبحانه وتعالى يلفـتـنا بأن كل هـذه الأحداث إنما هى مقدمة لبعـث هؤلاء الفتية
وعـودتهم مرة أخرى إلى حياة البشر كآية من آياته... ألم تلفتنا الآية التى تليها وهى التاسعة عشر بهذا ؟ بدأت بماذا ؟ ( وكذلك بعـثـناهـم..... ) أى سأبعـثهم على الحالة التى ناموا عليها ..
وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد )
ولنا هنا وقـفة : الكلب هنا ذكُر 4 مرات فى السورة ذاتها بلفظ ( كلبهـم ) ..الكلب هنا كلبا حقيقيا كان بصحبة أحدهـم وقيل والله أعلم أكبرهم سنا وكان يعـمل راعـيا للغـنـم والله أعلم،فلما هرب الفتية من
قومهم الكافرين، تبـعهم الكلب وكان بصحبتهم ومن هنا كان اللفظ ( وكلبهم ) .. ( قال ( قال ابن عطية حدثنى أُبى رضى الله عـنه قال سمعت اأبا الفضل الجوهرى يقول فى عـظة بمصر سنة
تسع وستين وأربعـمائة : " إن من أحَبَ أهل الخـير نال من بركتهم . كلب أحب أهل فضل وصحـبهم فذكره الله فى محكم تنزيله " قلت إذا كان بعـض الكلاب قد نال هذه الدرجـة العليا بصحبته
ومخالطته للصلحاء حتى أخبر الله تعالى بذلك فى كتابه الكريم فما ظـنك بالمؤمنين الموحدين المخالطين المحبين للأولياء الصالحين ) ..
..فالكلب نام مفتوح العـينين باسط ذراعـيه بفناء الكهف، وباسط ذراعيه تدل على هيئته بدون أن يبلى وإلا إذا كانت هيئة الكلب قد بليت لذكر القرآن ذلك.. ألم بوضـح القرآن ذلك مع الذى
أمائة مائة عام ثم بعـثه ( وانظر إلى العـظام كيف ننشزها ..... )
تأمل اللفظان ( فرارا .... رعــبا ) ...الله سبحانه وتعالى ألبس هؤلاء الفتية الهيبـة والرعـب فى هذا المكان الموحش لئلا يصل إليهم واصل ولا تلمسهم يد لامس حتى يحين بعـثهم من
رقدتهم وهنا لا نسأل عن الكيفـية التى حفها الله تعالى للفتية بالرعـب فإن هذا لن يفيد ولكن إقرأ ما شئت قوله تعالى ( وقذف فى قلوبهم الرعـب.... ) ـــ26 سورة الأحزاب
فالرعـب الذى يقذفه الله أو يحفـه الله ...رعـب أشد مما يتخيل البشر وذلك لينفر الناس عـنهم وعن هـيئتهم ....
( وكذلك بعـثـناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثـتم قالوا لبثـنا يوما أو بعـض يـوم قالوا ربكم أعـلم بما لبثـتم فا بعـثوا أحدكم بورقكم هـذه إلى المدينة فالينظر أيها أزكى طعاما
فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعـرن بكم أحدا ) ــــ 19
اللـهم لا قـدرة إلا لله .. على نفس هيئتهم التى ناموا عليها بُعـثـوا من رقدتهم ..الله سبحانه وتعالى كان يتولاهم وهـو الذى قص علينا قـصتهم بالحـق فقال :
( نحن نقص عليك نبأهـم بالحـق ..) ...كيف ؟ ( فضربنا على آذانـهم ــــ ثم بعـثـناهم ــــ وزدناهـم هـدى ـــ وربطـنا على قلـوبهم ـــ ونـقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ـــ وكذلك بـعـثـناهم )
من رقـدتهم الطويلة ليكونوا لمن خلفهم آية وحديث عجب! ..وأى عجـب !! فى كهفهم آية، فى رقـودهم ونـومهم آية، فى بعـثهم من رقدتهم آية، وفى موتهم آية ليعـلم الناس أن الساعة
لا ريب فيها...إقـرأ الآية مرة ومرات وتأمل الكمال فى القدرة ..الآية بدأت ( وكذلك بعـثـناهم ..... ) والبعـث التحريك عن سكون، وكذلك أيقـظـناهم من نومهم، من هيئتهم فى ثيابهم
وأحوالهم ، كهف من كهوف القدرة ..أن الله سبحانه وتعالى ألقى عليهم النوم ..والسؤال...اقصى ما ينامه الإنسان نوما طبيعـيا أو تحت ضغـط الإرهاق، كم ساعة ؟، يوما كاملا !!
او يوما وجزء من اليوم لكن لم نسمع عـن إنسان نام أكثر من يومين ... ولذلك لما استيقظ الفتية من نومهم كان السؤآل الذى تبادر إلى ذهنهم، ( كم لبثـتم ؟ ) قالوا ( يوما او بعـض يوم )
وننتبه ولا نسبق الأحداث، هل وأنت نائم تحس بالزمن ؟ ممكن أن تقول سأنام الساعة كذا.. هنا أنت معـك مقياس للزمن .. ولكن متى تـغـفل عيناك فى النوم فعلا ولا تحس بمن حولك ؟ صعـب أن تحدد
لأن هذا أمر طبيعى، فالنائم لا يحس بالزمن إلا إذا استيقـظ، سواء نام ليلا أو نهارا وينظر فى الساعة أو المنبه وهما مقياسا الزمن،عـندئذ تعرف كم ساعة استغرقتها فى النوم،وهذا طبيعى لا خلاف عليه
ولكن هل كان عـند أهل الكهف مقياس للزمن ليعرفوا كم من الوقت استغرقوه فى النوم ؟ المقياس هنا كان بالشمس أو بعلامات آخرى تناسب زمانهم، ولكن هنا لما استيقظوا من نومهم وجدوا انفسهم
على نفس الحالة التى ناموا عليها! هـيئتهم كانت كما هى فكان طبيعـيا أن يقولوا( يوما أو بعـض يوم )، فعـندما يقول الله تعالى جلت قدرته ( فضربنا على آذانهم ) أبطل كل مقاييس الزمن حولـهم
فلم يحسوا بالزمن... فهل رأوا تأثير الزمن على أجسادهم ؟ لوكانوا تحت تأثير الزمن وناموا كل هذه الفترة الطويلة لوجدوا كل شيء قد تغير فيهـم .. كانوا فتية ذو قوة فأصبحوا شيوخا.. الشيب يملأ
شعرهم، تغـيرات تملأ الجسد منها التجاعيد..كل هذه المتغـيرات تحدث للإنسان فى الكبر وهذا أمـر طبيعى ..
لكن الله سبحانه وتعالى أبطل هذا المقياس والدليل عندما قاموا من نومهم ونظر بعضهم إلى بعض وجدوا أن هيتهم لم تتغير، صورتهم كما هى، فاعتقدوا أنهم لم يمض عليهم أكثر من ساعات
ثم اقرأ فى سورة البقرة ( أوكا الذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها قال أنى يحي هذه الله بعـد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة
عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك ىية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير "
تأمل قصة هذا العبد الصالح عندما مر بقرية أنزل الله بها العـذاب فتسائل عن قدرة الله فى إحياء هذه القرية فأماته الله مائة عام ..هنا أماته.. اصحاب الكهف ضرب الله على سمعهم ولم يميتهم بل
أرسل عليهم النوم.. هذا العـبد الصالح أماته الله مائة عام ثـم بعـثه... بينما أهل الكهف ظلـوا نائمين ثلاث مائة سنين وازدادوا تسـعا، عـندما بعـث العـبد الصالح سأله الله عـن المدة التى قـضاها ..
( قال لبثت يوما أو بعـض يوم ) وهذا دليل على أن الإنسان لا يستطيع النوم أكثر من يوم أو يوم وجزء من اليوم ...وهنا أخبره الله بالحقيقة وطلب منه أن ينظر إلى طعامه وشرابه فإذا بالطعام والشراب
كما هو لم يتغير .. ما الذى تغـير إذن ؟ طلب منه الله أن ينظر إلى حماره.. فإذا بحماره قد تحول إلى عظام هشة.. وهنا أيقن انه لا يمكن أن يكون قد مضى عليه يوم أو بعـض يوم..وهنا يجب أن نلتفت
أن الله سبحانه وتعالى أبطل مقاييس الزمن لهـذا العـبد الصالح ومقومات حياته من طعام وشراب، وأجرى الزمن بكل مقايسه على حماره فى وقت واحـد ولا يمكن أن يكون فعـل الشيء وضـده فى
نفس الوقت إلا الله سبحانه وتعالى لأنه يملك مقاييس الزمن بكل عـناصره، القابض للزمان يوما أو بعـض يوم، والباسط للزمان مائة عام، فسبحان من بيـده مقاليد كل شيء وهـو على كل شيء قـدير..
قـالوا ربكم أعـلم بما لبثـتم : لما بعـثهم الله من رقدتـهم سأل بعـضهم البعـض، كم لبـثـتم..وهنا أمام فريقـين، فريـق قال لبـثـنا يوما أو بعـض يـوم، والفريق الآخر قال ربكم أعـلم بما لبثـتـم
وهـذا دليل على إنهاء الخلاف بينـهم فى هـذه المسألة بأن يتركـوا الأمـر لله، وهنا يلفتـنا الـحـق سبحانه وتعالى بأن ننقل الجـدل الذى لا ينتـهى إلى شيء ونـحيله لله فهـو أعلم بالأمـور كلها ظاهرها
وباطنها، ( فابعـثوا أحدكم بورقكم هـذه إلى المدينة فالينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعـرن بكم أحدا ) .. الواضح من الآية أنهـم بمجرد أن استيقـظوا من نومتـهم وعـادوا
إلى حالهـم وطبيعـتهم، طلبوا الطعـام ولكن رغـم جوعـهم لم يطلبوا ما يسد جوعـهم، بل كانوا حريصين على أطيب الطعـام وأطهـره وأبعـده عن الحـرام، من الطبيعى أنهم لما استيقـظوا على حالهم،
كان ظنـهم أنـهم ما زالوا على حـذر من قومـهم ظانين أن قومـهم يتتبوعونهم ويسعون للقضاء عليهـم...
( إنـهم إن يظـهروا عليكـم يرجمـوكم أو يعيدوكـم فى ملتهم ولن تفلحـوا إذاً أبدا ) ـــ 20
الحيطة والحذر مهمان لمن يفـر بدينه...أن تخفى مكانك وتكـف لسانك،كانوا بالنسبة لقومهم خارجين عن دين المدينة المتمثل فى عـبادة الأصنام وهم حذرون من أن يكشف أمرهـم وهـم لا يدرون
أن عجلة الزمان قد دارت وأن دولة الظلم والكفر قد غارت، وأن قصتهم تناولها الخلف عن السلف ما بين مؤيد ومعارض فى عددهـم ومدة لبـثهم
( وكـذلك أعـثـرنا عليـهم ليعلمــوا أن وعـد الله حـق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنـازعــون بينـهم أمـرهـم فقالــوا ابنــوا عليـهم بنيــانا ربهــم أعــلم بهــم قال الذين غلبــوا على أمرهـم
لنتــخذن عليــهم مسجدا ) ــــ 21
وكــذلك بعـثـــناهم ....... وكــذلك أعـثرنـــا عليــهم : مابين بعـث الفـتية إلى الحياة والإعـثار عليهم أحداث، وذلك لما أيقظهم الله من نـوم طويل أشبه بالموت وطلبوا من أحدهـم بما معهم من
من دراهـم على عـهدهـم ليأتيهـم بطعام ويتحـرى أزكاه، أى ليس من حرام وأن يتلطـف فى سيره حذرا من أن يكشف أمرهـم فلم ير شيئا من معالم بلدتهم التى يعرفونها وهذا أمر طبيعى بعـد مئات
السنين من رقدتهم ظـنا منه أنهم لبثوا يوما أو بعـض يوم.. ولم يعرف أحـد من أهلها ولا عوامها فجعـل يتحير فى نفسه أن عـهده بهذه البلدة ليس ببعـيد !! الذى يراه أمامه ليس بالأمس الذى عايشه
فلم يجد بـُداً من هذا التحير،فذهب إلى من يبيع الطعام، فاستـنكر شخصه، واستـنكر دراهمـه لبعـد العـهد، وجعـل البائع يتداولها بين أهل البلدة، وظنـوا أن الفتى عثر على كنز فحملوا أمره إلى الملك
وكان صالحا قد آمن بالله وآمن من معـه من المدينة، وكان عـنده من أخبار متوارثة عن الفتية الذين فقـدوا من عـهود مضت من السلف الذين سبقوه، فسأله الحاكم عن شأنه وعن أمره واخبره الفتى
عن أمره وعن الفتية منذ ان فروا بدينهم ولجئوا إلى الكهف فسُر الملك بذلك وركب مع أهل المدينة حتى انتهى به إلى الكهف،فقال الفتى دعـونى أخبر أصحابى بأمركم وأنه لا خوف منكم، وأنكم أمة
مؤمنون بالله، فخرجـوا إلى الملك وعـظموه وعظـمهم ثـم رجعـوا إلى كهفهم وعادوا إلى مضاجعهم، وتوفاهـم الله.. والله أعلـم... ومن هنا قال الله تعالى وكذلك أعـثرنا عليهم : أى أطلعـناهم وأظهرناهم
للأمة المؤمنة الذين بعـث أصحاب الكهف على عـهدهم، ليعلموا أن وعـد الله حـق وأن الساعة لا ريب فيها ....
إذ يتنـازعــون بينـهم أمـرهـم فقالــوا ابنــوا عليـهم بنيــانا ربهــم أعــلم بهــم قال الذين غلبــوا على أمرهـم لنتــخذن عليــهم مسجدا )
التنازع الجدال القـوى : أى يتـنازع أهل المدينة بينـهم فى شأن الفتـية فى كونـهم نياما وفى مدة لبـثهم... وقالوا ابنوا عليهم بنـيانا محافظة على هـذه الآية لفتية ضحوا فى سبيل عقيدتهم وفروا بدينهم
من سعة الدنيا إلى ضيق الكهف فنصرهم الله،فرب الفتية أعلم بهـم فعارضهم آخرون بأن البناء يجب أن يكون مسجدا ليتناسب مع هذه الآية الخالدة ...
( سيقولون ثلاثة رابعـهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبـهم رجمـا بالغيـب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربـى أعلـم بعـدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيـهم إلا مراءً ظاهرا ولا تستفت فيـهم
منـهم أحـدا ) ـــ 22
سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغـيب : هذه الآية تبين مدى إختلاف القوم فى عدد الفتية أصحاب الكهف، لأن منهم من قال ثلاثة رابعهم كلبهم
ومنهم من قال خمسة سادسهم كلبهم وعلق الله سبحانه وتعالى فى القول بأنه رجما بالغيب أى ظنا بالقول.. لأنه قـول بلا عـلم مما يدل على خطـئهم، ومنهم من قال سبعة وثامنهم كلبهم
وهنا لم يعلق القرآن على هذا الرأى وربما قال أهل العلم أنه الأقرب للصواب والله أعلم
قـل ربى أعـلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل: ثم يأتى الله سبحانه وتعالى بالقول الفصل والرد الحاسم فلم يبين الله سبحانه وتعالى عـددهم الحقيقى ما يعلمهم إلا قليل من خلقه وجعله أيضا مبهم
فى لفـظ ( إلا قليل ) ولم يقل إلا القليل وأمرنا أن نترك هذا الجدال لأنه أمر لا طائل منه ولا فائدة فأيا كان عددهم فلن يفيد ولن يضر وربما نخرج عن سياق المضمون وهوالفتية الذين فروا
بدينهم وضحوا بالأهـل والمال والوطن ولجئوا إلى الكهف وتولاهم الله برحمة من عـنده وجعلهم آية لمن خلفـهم وقرآن يتلى فى حقـهم، فكهف الفتية وعـدد الفتية وأسمائهم وكلبهم كل هذا
فرعيات ثانوية لا تقدم ولا تؤخر...
فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحـدا : والكلام موجـه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فلا تجادل أهل الكتاب فى عـددهم إلا جدالا ظاهرا لا عمق فيه بأن تقص عليهم
ما أخبرك به الوحى ولا تسئلهم عن هؤلاء الفتية ولا عن أسمائهم وأحوالهم فإنهم لا يعلمون
ولو تأملت عمق الآية لوجدت أن الله أبهمهم زمانا ... أبهمهم مكانا ... أبهمهم عـددا ... وذلك لـتتحقق الفائدة المرجـوة من القصة وهى أن هذه القصة ممكن أن تحدث فى أى زمان وفى
وفى أى مكان ولأى عـدد من الفتية ..فالأختلاف فى عدد أصحاب الكهف هو إشتغال بما ليس فيه نفع، ولم يُـعلمن الله تعالى بهم سوى أنهم فتية، والفتية فى كل زمان ومكان...
فلماذا ترك الله تعاى زمانهم ومكانهم وعـددهم مبهما ؟ لأن القصة يمكن أن تحـدث فى أى زمان وفى أى مكان ولأى عدد من الفتية المؤمنين الفرين بعـقيدتهم من طغيان الكـفر
وعنـد هذه الآية نقف ولى ولكم فى كتاب الله سطورا مضيئة من الآية الثالثة والعشرون وحتى الآية السادسة والعشرون، فما زلـنا فى كهف أصحاب الكهف ...فاللهـم إن كنت على الصـواب
فـهو بعض من فضل الله علىّ إذ هدانى لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله وإن كان غير ذلك فهو من إجتهادى وإن لم يتحقق به مرادى فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى
فخيركم من تعلم العلم وعلمه، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خير من تعلم العلم بلا قلـم فعلم البرية كلها بالآيات والحكم......
سبحان الله وبحمده ... سبحان الله العظيم .... فى قرآنه العظيم















mohamed_t 23/3/2016 11:36 PM

رد: خواطر حول سورة الكهف ــ 3
 
بارك الله فيك

roufa01 23/3/2016 11:43 PM

رد: خواطر حول سورة الكهف ــ 3
 
بارك الله فيك اخى الكريم

عبدالرازق ابو محمد 24/3/2016 10:06 AM

رد: خواطر حول سورة الكهف ــ 3
 
بارك الله فيك

masar 24/3/2016 11:22 AM

رد: خواطر حول سورة الكهف ــ 3
 
كل الشكرلك ياغالي

ايمن مغازى 25/3/2016 02:26 PM

رد: خواطر حول سورة الكهف ــ 3
 
بارك الله فيك أخى

انطونى سات 25/3/2016 02:33 PM

رد: خواطر حول سورة الكهف ــ 3
 
بارك الله فيك اخي الكريم

احمدررر 30/3/2016 11:43 AM

رد: خواطر حول سورة الكهف ــ 3
 
http://img.el-wlid.com/imgcache/2014/10/890275.gif

ابن الشوربجى 6/6/2016 11:37 AM

رد: خواطر حول سورة الكهف ــ 3
 
http://img.ewaaan.com/imgcache/168354.gif


الساعة الآن 03:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir